5 دقائق

تعال نسولف

سامي الخليفي

عزيزي القارئ، من بعد الأشواق، سأدخل في الموضوع مباشرة،

اليوم أنا مشغول، إذ سأستكمل ما لم أستطع إنجازه البارحة، يعني عندي بعض المواعيد على بعض المراجعات، على بعض الزيارات، ففي هذا الجو الربيعي الجميل، عندي موعد مراجعة لمؤسسة عدد موظفيها أكثر من عدد مراجعيها، بعدها سآخذ الولد إلى المستشفى، فقد قرأت أن شركة «ضمان» ستتحمل كلفة ختان الذكور، وبيني وبينك، أنا خايف الجماعة يغيرون رايهم ويعتبرون العملية خدمة وليست سلعة، ويضيفون درهمين، وبإذن واحد أحد سأعود الى المنزل لأصطحب المدام إلى موعدها في عيادة الأسنان، بعد معاناة ستة أشهر لمقابلة أسيادنا الأطباء، ثم سأذهب لنقل كفالة المربية وتجديد إقامة الشغالة قبل تشغيل عداد الغرامات، فالغرامة كالرصاصة، حين تخرج في الهواء من الصعب ردها، وأخيراً وأداءً للواجب سأذهب للصلاة على زميل توفي بخطأ طبي معروف، حيث سأبكيه كمن فقد أخاً لم تلده أمه، ولولا - البرستيج - لهاجني استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار.

مراجعة الدوائر والمؤسسات، كما شرحها أحد مدمنيها، تعتبر رياضة تمارسها باختيارك قبل أن يجبرك الطبيب على ذلك، حيث أصبحت اليوم نهجاً وأسلوب حياة، فمثلاً، مراجعتك إلى «العمل والعمال» تجبرك أن تحمل أنواعاً وأشكالاً غريبة من أوراق العذاب، فنقل الكفالة يحتاج إلى وثائق ومستندات أين منها أوراق اعتماد سفير، أما تجديد إقامة الخادمة فيتفرق فيها دمك بين الروتين ودفع الرسوم والقرارات التي تتغير كل ساعة - بالتحديد كل تسعة وخمسين دقيقة - حيث تبدأ بطباعة الطلب من مبدأ - هيا بنا نلعب - ثم تصبح معاملتك موضع رهان بين الموظفين، وهل استوفت الشروط أم لا، وسؤالي الإجباري الأول لك عزيزي القارئ: ما لون صندوق الاقتراحات والشكاوى! وخذها نصيحة لوجه الله، ابتعد عن المعارك الكلامية الجدلية من النوع الذي يمارسه المثقفون في برنامج «الاتجاه المعاكس»، وحاول أن تسمو بمشاعرك وتتابع ما يحدث من مقاعد المتفرجين، يعني بدلاً من متابعة المباراة تابع مارادونا وزوجته وأصدقاءهما على اعتبار أنهم فاكهة الدوري.

سأنهي مراجعاتي الصباحية، لأتفرغ في المساء لشيرين وهي تردح - آه يا ليل - حيث سأكون في طريقي لإدارة المرور، فقد تلقيت - مسج - بمنتصف الليل يذكرني بقرب انتهاء ملكية السيارة، وطبعاً المسافة من البيت إلى المرور بعيدة، وبإمكاني أن أقص قصة حياتي أثناء الطريق على أحد أصدقائي مرتين، وبالتأكيد سيكون الزحام هناك شديداً، وكالعادة لن تعرف من أين تبدأ ولا أين تنتهي، وستجد موظفين يعتمدون على عبارة متداولة لقائل مجهول - أوراقك ناقصة - والحمد لله فات الكثير ولم يبقَ سوى الكثير أيضاً، فأرجو أن تبتعد عني، وتدعني وشأني، حتى لا أغضب وأصاب بهيجان، واصرخ صرخة لا تصرخها سيدة تعسرت ولادتها، وإن أحيانا الله وكان لي عمر، سأقضي ما تبقى منه سياحة داخلية لمراجعة البلدية والتخطيط والهوية، والزراعة والرقابة الغذائية، والاتصالات، والكهرباء، وووو، ووزع البحر يتوزع.

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر