5 دقائق

«كلمة راس»

سامي الخليفي

من أجمل البرامج التي أتابعها بشغف برنامج الكاميرا الخفية، خصوصاً حلقات الفنان ابراهيم نصر، الذي يقوم فيها بدور الآنسة «زكية زكريا» صاحبة المقالب المضحكة وعبارتها المعهودة (يا نجاتي انفخ البلالين علشان عيد الميلاد).

للمقدمة السابقة مناسبة، فما نمر به في الحياة من تجارب مأساوية تترك أثراً عميقاً فينا، وتدفع البعض منا للشك حتى في أصابع رجليه، فيتمنى حينها أن تكون تلك التجارب مقلباً من مقالب الآنسة زكية.. حضرات الركاب، أصحبكم الآن في رحلة سريعة لتجربة مررت بها شخصياً تركت في نفسي نقطة سوداء لا يمحوها أي مزيل للبقع، فمن بعد تهاني وتبريكات حصولي على قرض الإسكان، ومن بعد أن فرش لي الاستشاري الأرض بقدونس، والمقاول قرنبيط، اكتشفت أن المسألة ملوخية، التجربة المريرة استمرت نحو ثلاثة أعوام، طفت خلالها بأهوال ومغامرات، أين منها حكايات تسعمائة ليلة وليلة، لأخرج من هذا العبث بنتيجة واحدة مفادها أن البناء أصعب بكثير من الحصول على الدكتوراه، بل انني أجازف بالقول إنه أصعب حتى من الاقتران بزوجة ثانية، فالمسألة شبيهة بفيلم يُقتل فيه البطل في أول مشهد، وطبعاً المقصود بالبطل هو أنت عزيزي المواطن، الذي أتمنى أن تعيد سيفك إلى غمده، وتدعني أكمل بقية المقال.

بداية المهزلة تبدأ بالعلاقة المريبة بين الثنائي المدهش الاستشاري والمقاول، فيتلقفانك بطريقة «شيلني وأشيلك»، وتكتيك «شد لي وأقطع لك»، حيث تكتشف بعد ثلاثة أمتار من بداية الفيلم أن «المسألة فيها إن» فتراجع الاستشاري الذي سيضع قطناً في أذنيه لتتساءل طلباً للحقيقة: يا ترى العيب في القطن ولا في الفيلم؟! ويستمر سؤالك الغريب في الزمن الأغرب، وتبدأ رحلة التيه، ويستمر الاستشاري بالتطنيش، ويستمر المقاول بممارسة اخطبوطيته على كل ما ومن حوله، ولا حسيب أو رقيب، «وعندك ودونك، وهيك من هيك، وهون من هون»، ودوخة وصدعة رأس، يتبعها يأس وانكسار، ويرتفع ضغطك متماشياً مع أسعار البناء، فتحاول ضبط ما تبقى منه مبقياً السكر مخزوناً استراتيجياً، وفي كل مرحلة من مراحل البناء تتمنى أن يصرخ المقاول أو الاستشاري «يا نجاتي أنفخ البلالين علشان عيد الميلاد»، ممنياً النفس بأن ينهيا هذه المقاطع السخيفة بالنهاية الدراماتيكية «عايز نزيع قول زيع، مش عايز منزعشي»، طبعاً تتمنى أن يحدث كل هذا قبل أن يتم نقلك بوساطة الجيران الطيبين إلى أقرب مستشفى.

لن أطيل عليكم، مع انه ودي والله، لهذا ومن هذا المنبر أناشد كل من على وشك البناء أخذ الحيطة والحذر، وأن ينام مفتوح العينين، ويبتعد عن العواطف، فالظروف تلعب لمصلحة الفريق الضيف والملعب مفتوح، والشركات على قفا من يشيل، ومكاتب استشارات البناء أكثر من عدد أيام السنة، الكبيسة بالتحديد، وكل واحد وشطارته، والحاضر يبلغ الغايب، وأنا بكره إسرائيل ايييييييييه!

صديقي المقاول عزيزي الاستشاري «الآن فهمتكم»!

samy_alain@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر