5 دقائق

شركات المياه الجوفية

حمدان الشاعر

المياه سر الحياة وأصلها وهاجس قومي نحتاج دوماً إلى أن نعيد صياغة علاقتنا به، خصوصا أننا نعيش في منطقة تشكو فقراً حاداً في المياه، ومهددة دوماً بالجفاف والعطش.

قرار وزارة البيئة والمياه الأخير بشأن حظر تصدير المياه المعبأة المنتجة من المياه الجوفية إلى خارج الدولة، جاء ليواكب التحديات الحالية ويعمل على تعزيز الأمن الاستراتيجي المائي للدولة، لضمان استدامتها في الحاضر والمستقبل، فالمياه مسألة أمن قومي لا تقل أهمية عن أية قضية أمنية أخرى.

شركات المياه اليوم تستنزف بقايا المياه الساكنة في جوف الأرض، وهو أمر بالغ الخطورة، خصوصا أن الدولة لم يزرها المطر منذ سنوات طويلة، وما يستخرج لا تعوضه الكميات الشحيحة التي تهطل بين الفينة والأخرى، ما يدق ناقوس الخطر، ويعلن أن مياهنا الجوفية مهددة بالنضوب خلال فترة وجيزة.

المياه الجوفية ثروة وطنية ينبغي ألا تكون حكراً على شركة أو فرد، فهي حق عام يستفيد منها الجميع لأغراضهم العامة، وفق ما تحدده الأنظمة والقوانين على مستوى اتحادي يراعي مصلحة الوطن وأجياله، لذلك فإن استمرارية استخراج المياه الجوفية من قبل هذه الشركات يجب ألا يستمر إلى ما لا نهاية، وإذا كان القرار الأخير بمنع تصدير هذه المياه إلى الخارج سيعمل على خفض الإنتاج وتقليل الاستنزاف غير المبرر، فإننا نأمل بأن تعقبها خطوة أخرى قادمة بإغلاق هذه المصانع، فيكفيها ما جنت من أرباح، ويكفيها ما استنزفت من رصيد هائل من مخزون ظل يتراكم عبر مئات السنين.

في المياه منزوعة الملوحة، أو ما يعرف اصطلاحاً بالمياه المحلاة، بديل مناسب لا يختلف كثيراً عما يستنزف فإن كان التنافس التجاري الحالي يدور حول الصراع بشأن أحقية استخدام عبارة «مياه معدنية»، للدلالة على مصدرها الجوفي مقارنة بأنواع المياه الأخرى، فإن المياه جميعها فيها من المعادن ما تتباين كميته بين منتج وآخر، وجميعها تخضع لعمليات الترشيح والتطهير ما يجعلها متوافقة مع المعايير الصحية المطلوبة لمياه الشرب، وبذلك فإن استخراج المياه الجوفية، لغير ضرورة وطنية، يعد استنزافاً لا يقره الواقع البيئي، وهدراً لا يراعي مصالح الوطن على المدى البعيد.

مثلما كان قرار منع التصدير جريئاً وصادقا، فنحن أيضاً بحاجة إلى قرار أشمل، يستشرف المستقبل قبل واقع مرير يقود إلى جفاف عاجل وعطش مؤكد، وقبل أن نبكي على الحليب المسكوب، لابد لنا من إنقاذ ثروة عليها تعتمد حياتنا وكل أشكال البقاء.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر