5 دقائق

التراث الطبيعي

حمدان الشاعر

تراثنا الطبيعي من جبال ووديان وصحارى إرث خالد يتجاهله البعض، ويغفل عنه كثيرون، فمكونات بيئاتنا الطبيعية تزخر بكم هائل من الأنواع النباتية والحيوانية التي تشكل في مجملها هوية محلية فطرية ذات خصائص تتميز بها الدولة عن غيرها، فالغفلة عن مكونات الحياة الفطرية ونقص الوعي بمنظومة الحياة الإيكولوجية والوظائف المرتبطة بها تشكل عوامل سلبية تؤثر حتماً في فرص التنمية المستدامة. كما أن التجاهل الذي يتسم بكثير من اللامبالاة ومن سلوكيات طائشة لا تقدر الحياة الفطرية وضرورات وجودها في النظام الحيوي، يعد سبباً لاندثار العديد من الكائنات الحية أو جعلها مهددة بالانقراض.

الجهود الحكومية التي تبذل اليوم في سعي حثيث نحو تخصيص مناطق كمحميات طبيعية في إمارات الدولة المختلفة أمر محمود وملحّ للحفاظ على هذا التراث الطبيعي، فزيادة أعداد ومساحات المحميات الطبيعية، خصوصاً في المناطق البرية، أمر طبيعي ينسجم مع السياق الإقليمي والدولي في حماية التنوع البيولوجي الذي يعاني ضغوطاً شتى بسبب الممارسات السلبية المتكررة. لقد تحولت مناطق عديدة من البراري اليوم إلى مهرجانات عبثية يكثر فيها الاحتطاب الجائر وتلويث الوديان وتعرية الغطاء النباتي ورمي الفضلات وإزالة الكثبان الرملية، وغيرها من ممارسات أصبحت تدق ناقوس الخطر نحو ضرورة تبني إجراءات أشد صرامة، وتفعيل القوانين الرادعة للحد من أية انتهاكات تدمر الموائل البيئية وجمالية الطبيعة.

لـ«البر» علاقة خاصة مع أهل الإمارات، علاقة شكلت جزءاً من هويتنا في ماضيها وحاضرها، وتوطدت عبر سنين موغلة في الانتماء الذي ظل راسخاً في حنين يتوارثه أجيال اليوم، لكن هذه العلاقة الاستثنائية تتطلب تعاملاً يقدر الحياة البرية والنباتات الصحراوية، ويعي أهمية المحافظة عليها، ومنع أية تأثيرات تحد من بقائها واستدامتها جيلاً بعد آخر، عوضاً عن إساءة التعامل معها بحيث يصعب تعويضها بعدئذٍ.

المحافظة على البيئة الطبيعية واجب أخلاقي تقتضيه ضرورات التعايش المشترك، وواجب قانوني تفرضه الأنظمة والتشريعات التي تهدف لاستدامة مواردنا الطبيعية والتنوع الإحيائي فيها، خصوصاً أن دولة الإمارات بذلت جهوداً كثيرة على أكثر من صعيد في سبيل تخصيص المناطق المحمية وتنمية الحياة الفطرية فيها، ووضع الاستراتيجيات والخطط للارتقاء بالبيئة المحلية، وتعزيز برامج الاستدامة فيها.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر