5 دقائق

العقد الاختياري

حمدان الشاعر

لا شك في أن عقد السيارات الموحد، الذي تزمع وزارة الاقتصاد تطبيقه على وكالات السيارات كافة، يعد نقلة نوعية في التعامل مع المستهلك تقديراً واحتراماً، وفي الوقت ذاته فإنه بالتأكيد لن يخلّ بحقوق أصحاب الوكالات التجارية بأي صورة كانت. ونفترض في ذلك أن هذا العقد في بنوده وحيثياته والتزامات الأطراف كافة قد تمت دراسته بصورة مستفيضة تراعى فيها المسؤوليات والواجبات بما يحقق المصلحة العامة، بعد عقود من هيمنة وكالات السيارات.

التعاقدات في دول العالم كافة تضمن علاقة متوازنة بين جميع الأطراف، مع التشديد على مصلحة المستهلك في المقام الأول، واحترام أصحاب الأعمال في تنفيذ صفقاتهم بصورة عادلة لاستدامة الأعمال والاقتصاد. من هنا فإن إلزامية العقد تظل أمراً بالغ الأهمية وتعميمه على إمارات الدولة كافة يحقق الفائدة المرجوة للمستهلك دون تمييز إمارة دون أخرى، لذلك فإن القول إن دبي تنأى بنفسها عن إلزامية العقد وتجعله اختيارياً للشركات في مسألة التطبيق من عدمه يبقى أمراً يستحق النقاش على أعلى المستويات، فإذا كان العقد اختيارياً فإن ذلك يفرغه من مضمونه وينفي الحاجة إليه، فكأن هناك بنوداً لم يتفق عليها أو أنها ليست في مصلحة الوكالات التجارية.

عند النظر في أمور تنظيم العلاقة بين المشتري وأصحاب وكالات السيارات فإننا قد تأخرنا كثيراً في تطبيق عقد ملزم يكون ضامناً لحقوق المستهلك، فقد ازدادت شكاوى الناس من الخدمات المقدمة، رغم أن سوق الإمارات في حقيقتها تعد منجم ذهب لكثير من الشركات اليابانية والأميركية، والمبيعات التي تحقق سنوياً في الدولة تجعلها لؤلؤة التاج لدى كثير من المصانع في الشرق والغرب.

إن التجارة الحرة لا تعني أن يُعطى التاجر مطلق الحرية في سن قوانين تخدم مصالحه وتناقض حقوق المستهلك، ولا تعني أيضاً أن حفظ الحقوق يعطل حركة التجارة ويقوض تنافسية إمارة ما، فهذه العلاقة يجب أن تقوم على احترام المستهلك وتقديره، والاستجابة لشكاواه وتنفيذها دون تسويف أو مماطلة.

باسم التنافسية كثير من الحقوق تجاه المستهلك تُنتهك، وكثير من الواجبات لا يتم الالتزام بها، فكأننا نعيش في عوالم منفصلة في الجغرافية والواقع، فكأننا جغرافياً لا ننتمي الى دولة أصبحت مضرب المثل في الكفاءة والجودة واحترام العملاء والمستهلكين، كأننا في الواقع نعيش بعيداً عن منطق واضح يدرك المصلحة الكلية والمصلحة الجامعة التي تضمن التوازن المنشود للتاجر والمستهلك بغير ضرر ولا ضرار.

hkshaer@dm.gov.ae 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر