5دقائق

استطلاعات الرأي

حمدان الشاعر

كثيرة هي مؤسسات استطلاع الرأي التي تقيس توجهات أفراد المجتمع في قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية، ورغم اختلاف الغرض الذي يُبنى الاستطلاع عليه، فإنها في المجمل تهدف إلى معرفة نقاط الخلل والقصور في جانب ما، أو معرفة التوجهات السائدة في المجتمع نحو قضية معينة أو استبيان رأي الجمهور تجاه قضية مجتمعية ملحة. ولقد دأبت مؤسسات وهيئات كثيرة على اللجوء إلى استبيانات الرأي لمعرفة جودة خدماتها أو رضا موظفيها، أو لجلب الآراء والاقتراحات التي تهدف إلى تطوير العمل وآلياته وتحقيق التكامل بين المؤسسة وشركائها عامة.

لكن هل تمكنت نتائج استطلاع الرأي من تشخيص المشكلات وتحديد نقاط القصور، ثم أوجدت لها الحلول الملائمة؟ ما يظهر لنا أن كثيراً منها ليس بذي جدوى على صعيد التغيير الفعلي لممارسات وأنظمة عدة في مجتمعنا، فالأمر متعلق بكثير من الهموم والمعضلات التي تتطلب حلولاً جذرية، في حين تبقى تلك الاستبيانات والاستطلاعات مجرد أرقام وألوان واختيارات جوفاء غير ذات صلة بالأهداف المرجوة من وراء الاستطلاع ذاته.

الملاحظ أن كثيراً من الاستطلاعات تتكرر كل عام وتتكرر معها أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة حاسمة، كأنما الحلول غدت خياراً مستحيلاً، الأمر الذي يطرح أسئلة حائرة في جدوى أخذ رأي الناس والاستئناس بمقترحاتهم والحرص على تطوير الخدمات المتعلقة بجوانب حياتهم بناءً على تحليل علمي رصين كماً وكيفاً، وهو الأمر الذي نأمله حتى تتطور الممارسات التي تتعلق بالصحة والتعليم والبيئة والاتصالات والنقل وصولاً إلى دولة عصرية وتنمية مستدامة.

أما إذا كان الاستطلاع نوعاً من الوجاهة المؤسسية أو ديكوراً لأغراض إعلامية، فسيشعر المواطن بأن صوته من دون قيمة، وأن رأيه لا صدى له لدى أصحاب القرار، وسيفكر مراراً قبل أن يبدأ في تعبئة استبانة ما، فروح الإحباط التي تفشت لا يمكن إنكارها، والتي تعكس سلبية واضحة في عدم التعاطي مع هذه الأنشطة التي نشأت في الأصل جراء قناعة بأن شيئاً لن يتغير.

المهم هنا أن نغير مثل هذه الروح، وأن نضرب أمثلة بأن رأيك مهم، وأن نتائج الاستبيان أياً كانت قد باتت قادرة على معالجة الخلل، وأن لها فرصة التغيير نحو الأفضل، وهنا فقط سيكون التفاعل مع الاستطلاعات تفاعلاً إيجابياً مؤثراً.

نحن في حاجة إلى صدقية في التعامل مع أي استطلاع كان، من حيث أغراضه ومكوناته ونتائجه والجهة المعنية به، وصولاً إلى حل لكل المشكلات العالقة، التي بالإمكان التخلص من تكرار الشكاوى حولها، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فلعلنا نجري استطلاعاً لمعرفة رأي الناس في جدوى استطلاع رأيهم!

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر