رؤية

معاهد التمريض بالدولة.. مريضة!!

نجيب الشامسي

حينما أصدر المغفور له المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مرسوماً رئاسياً بتأسيس مدرسة للتمريض في أبوظبي عام ،1972 كان الهدف منه تخريج ممرضات مساعدات يرفد بهن مستشفيات الدولة وعياداتها، وباعتبار أن وجود ممرضات مؤهلات من المواطنات في مستشفيات الدولة سيكون له عظيم الأثر في تنمية الخدمات الصحية، وباعتبار أن الممرضات المواطنات هن الأقدر على التعامل مع أبناء الدولة، ولاسيما الطاعنين في العمر ممن يترددون على مستشفيات الدولة أو يعالجون فيها، وحينما يقوم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة مستشفيات الدولة ولقاء أعداد الممرضات والحديث معهن، إنما يمثل ذلك رسالة مهمة إلى الأهمية التي تعول عليها الدولة بوجود ممرضات إماراتيات باعتبار أن التمريض مهنة إنسانية لا تقل أهمية عن الأطباء، كما أن وجود ممرضات إماراتيات يجب أن يشكل هاجساً مهماً للدولة ولوزارة الصحة تحديداً، خصوصاً في ضوء نقص الكوادر المؤهلة من الممرضات بعد أن خرجت أعداد كبيرة من الممرضات إلى خارج الدولة للعمل في دول الجوار أو العودة إلى بلدانهن بسبب الإغراءات المادية أو الرغبة في الاستقرار.

وحينما يصار إلى تأسيس معاهد للتمريض منذ عام 2001 في كل من الشارقة ورأس الخيمة والفجيرة، إنما كان الهدف من ذلك ضرورة وجود قاعدة من الممرضات الإماراتيات القادرات على تحمل مسؤولياتهن تجاه المرضى في المستشفيات، كما يفتح هذا التوجه فرصاً تعليمية للمواطنات اللاتي يرغبن في الانخراط في هذه المهنة الإنسانية، وبالتالي يؤكد بنات الدولة على استعدادهن التام للأعمال الإنسانية، وهن بذلك يدحضن تشكيك الآخرين في قدراتهن والتزامهن بالعمل في ظروف مهنية مختلفة، كما أن معاهد التمريض تلك التي خرّجت أفواجاً ودفعات عديدة طوال السنوات الماضية، إنما تخلق فرص عمل لشريحة من المواطنات اللاتي يرغبن في تخصص مهني كمهنة التمريض، ليسددن بذلك نقصاً في مهنة التمريض، حيث يشاهد عدد من الإماراتيات وهن يعملن في مستشفيات الدولة ويقمن بواجباتهن الإنسانية على أكمل وجه، ومن دون تقصير، وكذلك خريجات المعاهد نفسها من الوافدات اللاتي يسددن نقصاً كبيراً في هذه المهنة.

ولكن حينما تتوجه وزارة الصحة نحو إلغاء المعاهد الثلاثة (الشارقة ورأس الخيمة والفجيرة) في نهاية هذا العام، على الرغم من أن أعداد الممرضات الإماراتيات العاملات لا تتجاوز نسبتها 3٪، وعلى رغم من أن المعاهد الثلاثة قد خرجت حتى عام 2011 نحو 362 خريجة مواطنة يحملن شهادة دبلوم في التمريض يسهمن في بناء خدمات طبية نوعية فضلاً عن أعداد الممرضات الوافدات اللاتي تخرجن من تلك المعاهد واللاتي يزيد عددهن حتى هذا العام على 765 ممرضة يسهمن بدورهن في هذه المهنة، فإن هذا القرار يتنافى مع سياسة الدولة سواء في تنمية الوظائف المهنية، ومنها مهنة التمريض، ولا يترجم قناعات القيادة السياسية في سياسة توطين هذه المهنة وخلق فرص عمل لشريحة من المواطنات، فضلاً عن الصدمة العنيفة التي سببها قرار إلغاء الوزارة لهذه المعاهد، سواء للعاملات أو المتقدمات للدراسة في هذه المهنة، اللاتي فوجئن بالقرار على الرغم من إصرارهن ورغبتهن الأكيدة وأعدادهن المتزايدة للدراسة في هذه المعاهد.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر