رؤية

خطط واستراتيجيات وزاراتنا ومؤسساتنا

نجيب الشامسي

يبدو أن الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، المحلية منها والاتحادية، دخلت سباقاً محموماً لتحقيق بروزها، وترجمة حضورها، وتلميع صورة المسؤولين فيها، إلا أن ميدان الحضور أصبح هو الساحة الإعلامية أكثر من ميادين العمل. فقد نشاهد هذا السباق من خلال قنواتنا الفضائية بما فيها القنوات الرياضية، وصحافتنا اليومية والأسبوعية والشهرية بما فيها صحافتنا الفنية.

نقرأ عن استراتيجيات الوزارة أو المؤسسة في الصحف، ونشاهد لوحات ضخمة عند مداخل المؤسسات التابعة لها، تؤكد هذه الرؤية على شعار العمل، من أجل دولة الازدهار والتنمية، والحضور العالمي، لجعل دولتنا من أفضل دول العالم، لاسيما في مستوى الخدمات ونوعيتها التي تقدمها تلك الوزارة أو الهيئة أو الدائرة. نقرأ ونسمع من خلال وسائل الإعلام رسالة تلك الوزارة أو المؤسسة التي تنص على تعزيز جودة الخدمة المقدمة من أجل المواطن، ومن يعيش على أرضها، وصولاً إلى مجتمع مثالي ومتميز ومزدهر، وأكثر استقراراً وتنمية!

أما في جانب القيم التي تشير إليها تلك الاستراتيجيات المعلنة من قبل وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية، فهي رائعة في معناها، عريضة في حجمها، وتحمل معظم القيم السامية من صدق، وأمانة، وإبداع، وعدالة، وثقة، وإرادة.

يتبارى مسؤولون في تلك الوزارات والمؤسسات في استثمار أي فرصة أو مناسبة، يكون الحضور الإعلامي فيها كثيفاً، ليؤكدوا على تلك الرؤى والرسائل والقيم والأهداف التي تعمل وزارتهم أو مؤسستهم على ترجمتها والعمل بموجب مضامينها. وفي هذا السياق يوزعون ابتساماتهم على وسائل الإعلام، لتوصيلها إلى أصحاب القرار علّها تعزز ثقتهم، وتقنع جمهور المتعاملين مع تلك الوزارات والمؤسسات!

ولكن ظلت تلك الخطة بأبعادها، ورسائلها، وقيمها، وأهدافها، حبراً على ورق، ومادة إعلامية يلوكها المسؤولون بألسنتهم، ويعلنونها بأفواههم، ليسمع الناس جعجعة ولا يشاهدون طحيناً!

فقد أدرك الناس أن ما يسمعونه أو يقرؤونه أو يشاهدونه، هو أبعد ما يكون عن الواقع، وأنه مجرد مادة هزيلة لتلميع مسؤولين، وخداع الإعلام، إذ لم نجد ترجمة حقيقية لأقوال المسؤولين، بل نجد تراجعاً واضحاً وملموساً في ميادين عمل كثيرة، لاسيما في مجال الخدمات التي تمس حياة الإنسان ومستقبل الوطن. وفيما يحرص أولئك المسؤولون على تلميع صورهم، وتوزيع ابتساماتهم أمام كاميرات التلفزيون، وأضواء الصحافة، نجد أن ميدان العمل أصابه الوهن، والضعف، والتراجع، والتصدع، وازدادت هموم عدد كبير من الناس، وتفاقمت مشكلاتهم التي يطرحونها من خلال البرامج الإذاعية المفتوحة والصحافة المحلية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر