رؤية

الدور السلبي لشركاتنا العقارية على الاقتصاد

نجيب الشامسي

نتيجة لتباين السياسات، وتضارب الأهداف الاقتصادية والتجارية في الدولة، اتسمت المسيرة الاقتصادية خلال العقدين الماضيين بعشوائية وازدواجية المشروع، بما في ذلك تأسيس شركات أقل ما يمكن وصفها بأنها شركات وهمية، أسهمت في اختلال الأوضاع الاقتصادية في الدولة، وأفرزت أزمات في سوقي أبوظبي ودبي الماليين، وكبدت شرائح المجتمع خسائر كبيرة.

وأفرزت تلك الفترة عدداً من الشركات العقارية، أخذت تتنافس في ما بينها، وتضارب على بعضها، واستحوذت على سيولة ضخمة من السوق المالية، وحجماً كبيراً من الائتمان المصرفي أثرت بشكل كبير في القطاعات الاقتصادية، لاسيما الإنتاجية منها، كما كان للشركات العقارية، والشركات التحويلية والتمويلية للقطاع العقاري، أثر سلبي مباشر في مختلف أوضاعنا الاقتصادية، خصوصاً في ظل احتدام التنافس في جذب استثمارات وتمويلات أجنبية للمشروعات العقارية، الذي جاء على حساب الاقتصاد الوطني، ورأس المال والاستثمارات الوطنية، وعلى حساب هوية الاقتصاد والمجتمع.

لم تتأسس المشروعات العقارية في الإمارات بناء على حاجة فعلية للمجتمع والاقتصاد الوطني، ولم تكن تلك «الغابات الأسمنتية» منسجمة مع حاجة مواطني الدولة، بل إن الممولين لتلك المشروعات والمخططين والمهندسين لها، والمستثمرين والمطورين، هم من غير أبناء الدولة.

لذلك، فإن من الطبيعي أن تتأزم أوضاع القطاع العقاري، بسبب هروب مضاربين بالسيولة المحلية، والمهندسين بمخططاتهم، والمسوقين برؤيتهم، والمطورين بحصادهم، وتكشف تلك المضاربات عن مشروعات عقارية خالية، ومشروعات غير مكتملة، وسط صحرائنا، وعلى شواطئنا، وعلى أنقاض مدننا القديمة، إذ إن معظمها لا يتناسب وطبيعة مواطني الدولة، ولا تنسجم ورغباتهم العائلية، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تشهد أسعار العقار تراجعات سريعة، وانخفاضات كبيرة، انعكست بشكل كبير وخطر على أسواقنا المالية، وبالتالي على شرائح المجتمع الإماراتي، مواطنين ووافدين، خصوصاً ممن عملوا في سوقي المضاربات العقارية والأسهم المحلية، وهم لا يملكون أساسات المضاربات، ولا فهماً دقيقاً في تعاملات البورصات، وهنا حدثت الأزمة وتفاقمت الأوضاع!

هنا نتساءل: من الرابح ومن الخاسر من الشركات العقارية؟ ما هي النتائج الايجابية على أوضاعنا الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية؟ كم عدد المصارف الخاسرة من الدخول في تمويل مشروعات عقارية دون دراسة حقيقية لجدواها الاقتصادية؟ كم عدد الذين تكبدوا خسائر مالية اكبر من طاقتهم وقدرتهم المالية، وأصبحوا عرضة للمساءلة القانونية؟ وأين دور وزارة الاقتصاد من واقع هذه الشركات، بعد أن كان هناك تساهل في الترخيص لمشروعاتها؟

أين المصرف المركزي وجهازه الرقابي من توسع المصارف التجارية في تمويل مشروعات مضروبة، ومضاربات مشبوهة؟ وأين الوعي الاستثماري لدى المواطنين والمقيمين الذين كان كثير منهم ضحية لفساد تلك الشركات؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر