كل يوم

سعادة «سعاد»..

سامي الريامي

عندما قلت سابقاً إن محمد بن راشد يعيش وسط شعبه، يشعر بهم، ويتلمس احتياجاتهم، لم أكن مجاملاً ولا مبالغاً، فصاحب السمو الشيخ محمد يجسّد، فعلاً لا قولاً، مسألة مشاركة الناس حياتهم، في المسرات والأحزان، وليس غريباً أن تجده يواسي مواطناً في بيت من بيوت العزاء، ولا غرابة في وقوفه بجانب «عريس» يوم زفافه، والمعرفة الشخصية ليست شرطاً إطلاقاً في هذا الأمر.

اسأل عن أي مكان في العالم يمكن فيه لزعيم أو رئيس حكومة أن يتوجه إلى الشارع وحيداً من دون فرق تفتيش وفرق حماية، وأرتال من القوات الأمنية التي تحيط وتمشط مكان وصوله المتوقع، فجميعنا شاهد صعوبة المراسم التي يُستقبل بها زعماء كثير من الدول بين شعوبها، مع تشدد بالغ في الحماية والحرس، وشاهدنا أيضاً محمد بن راشد كيف يجلس بتواضعه الجمّ في مقهى بين شعبه، ويتجول في الشوارع بمفرده، ويجلس في مطاعم عامة هو وأنجاله، ويتسابق الحضور لتصويرهم أو التحاور معهم.

لا حواجز، أو موانع، ويستطيع أي إنسان يعيش في دبي أن يخبرك بأنه شاهد سموه في سيارته فوق جسر القرهود، أو في شارع الشيخ زايد، أو في «مول الإمارات»، ولوّح له أو سلّم عليه، كأنه يعرفه منذ زمن طويل.

يحرص سموه على تشجيع أبناء شعبه ودعم المبدع منهم، بأساليب تجمع بين التواضع والذكاء الحاد في إرسال الرسائل الإيجابية المباشرة وغير المباشرة.

فقد كتبت أمس هنا عن فتاة صغيرة تعمل تحت مظلة شركة تابعة لإدارة الإقامة وشؤون الأجانب في دبي، مبدعة أسهمت في تطوير عدد من برامج الكمبيوتر المحفزة للموظفين للعمل وزيادة الإنتاجية، وشاركت بعرض تلك البرامج في معرض «جيتكس»، جنباً إلى جنب مع كبريات شركات الكمبيوتر العالمية، ولم تغرب شمس يوم أمس إلا وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يقف أمامها مباشرة في جناح الشركة، ويطلب منها عرض ابتكاراتها وبرامجها، ويشكرها ويشد من أزرها.

كان بإمكانه الاتصال برئيسها، وإبلاغه ما يريد هاتفياً، وكان ذلك سيكون دفعة معنوية كبيرة لهذه الفتاة الصغيرة، لكنه لم يفعل ذلك، على الرغم من أنه أمضى، أول من أمس، نحو ثلاث ساعات كاملة يتفقد الأجنحة، ويطلع على المعروضات، وكان صباح أمس في العاصمة أبوظبي يشهد جانباً من فعاليات قمة الأجندة العالمية، ومع ذلك لم ينتهِ اليوم إلا وكان واقفاً يشاهد إبداع فتاة مواطنة بسيطة، تملك عقلاً كبيراً، وإبداعاً وطموحاً، وأعتقد أن تطوير هذا العقل هو أولى أولويات محمد بن راشد، الذي انتبه لمقال صغير، واهتم بتفاصيله، ليرسل رسالة كبيرة جداً، وواضحة جداً، وهي كما قال ويقول دائماً، «لا يوجد خط نهاية أبداً في سباق التميز».

هل يمكن قياس مدى سعادة «سعاد» وهي تشرح لنائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي؟ وهل توجد رسالة أوضح من هذه لشباب الإمارات كافة، لحثهم ودفعهم دفعاً نحو القمة والتميز؟

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر