رؤية

انتهى عرس «المجلس»ولم ينتهِ الوطن

نجيب الشامسي

نحن كلنا للإمارات.. وبالإمارات وفيها، نعيش ونعشق.. إنه الوطن الذي يعني لنا الكثير.. الكثير، وإذا كان عرس المجلس الوطني انتهى على اختيارنا لأعضائه، فإننا أعطينا الثقة لمن يستحقها، ونأمل أن يكون أهلاً لها، إنها مسؤولية وطن.. هذا الوطن الذي نعشق ودونه عدم، وإذا كان أولئك الذين دخلوا سباق الانتخابات للفوز بعضوية المجلس الوطني، قاموا بنشاط كبير وبجهود أكيدة، وأنفقوا الكثير من مالهم، ووقتهم، وجهدهم، فإنها تجربة غنية وفريدة، خصوصاً لأولئك الذين خاضوا هذه التجربة وهي الأولى بالنسبة لهم، ومنهم شريحة من الشباب الواعد والقادر على العطاء، من أجل الوطن وأبنائه، والذين لا نزايد على حسّهم الوطني، ورغبتهم في الإصلاح والتنمية.

إن فوز شريحة من أفراد الوطن الذين ترشحوا لتمثيل شعب الإمارات، إنما فازوا بدعم وثقة أبناء الوطن كلهم، مهما اختلفت أماكنهم وتباينت أهدافهم. وأجندات وبرامج من فازوا في الانتخابات، إنما هي متشابهة أو مكملة لبعضها بعضاً.

وبثقة أبناء الوطن، فإنهم سيشخصون الواقع، ويعملون على معالجة الخلل، وتحقيق الإصلاح المطلوب في مختلف المناطق والمدن، وعلى مختلف الصعد، وفي مختلف المسارات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، فالوطن يواجه حالياً تحديات داخلية صعبة، ومتغيرات خارجية شديدة، ويتطلب من السلطات القضائية والتنفيذية والسياسية، أن تتعاون مع السلطة التشريعية في ثوبها الجديد، ودورتها الحالية، لتمكينها من القيام بدورها لبناء مستقبل الوطن، والذود عن مكتسباته، وترجمة قناعات قيادته، وصيانة نسيجه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، والمحافظة على هويته الوطنية، والحيلولة دون انزلاق أبنائه، بسبب تيارات قوية، واستحقاقات مستقبلية.

أما من لم يتمكن من الفوز في هذه الانتخابات، فإنه نجح في الاستفادة من هذه التجربة، وُمطالب بأن يعيد حساباته، ويبحث في أسباب إخفاقه فيها، ويجب أن يكون طموحه قائماً، باعتبار أن خوض تجربة الانتخابات المقبلة حق دستوري مشروع لكل إماراتي، لكن تحقيق هذا يجب أن يبدأ من اليوم، إذ يجب التواصل مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وأندية، والتفاعل معها، لاكتساب الثقافة السياسية والانتخابية، والخبرة العملية، فضلاً عن اللقاء مع مختلف شرائح المجتمع، لتعزيز العلاقة والاتصال لكسب الحضور، وبناء الثقة، والتعرف إلى همـوم الناس، ومطالبهم، والعمل على مساعدتهم في ذلك، مهما كان نوع المساهمة. فبرنامج الانتخابات يجب أن يستمر ولا يتوقف، وإذا كان الراغبون في الترشح للانتخابات لا يسجلون حضورهم، ولا يعملون على كسب ثقة المواطنين، إلا في مرحلة الانتخابات، فإنهم حتماً لن يحققوا نجاحاً لأن فترة الانتخابات وقتية ومرحلية، ولا تكفي لإقناع الناخب، وبالتالي فإن خوض الانتخابات يتطلب استعداداً استثنائياً، وحضوراً زمنياً طويلاً، وهذا يتطلب من أبناء الوطن الطموحين والمخلصين والوطنيين، أن يكون لديهم برنامج زمني طويل، وأجندة غنية بالعمل الوطني المضني والمخلص، سواء من حيث تسجيل المواقف الوطنية، أو خدمة أفراد المجتمع، ومساعدتهم حتى بالكلمة والتوجيه، أو التواصل مع مختلف مؤسسات المجتمع المدنـي، فـإذا كانت الانتخابات أسدل الستار عليها، فإن الوطن لايزال قائماً، وميادين العمل الوطني موجودة، ولا تقتصـر علــى الوجود فــي المجلس الوطني فحسب!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر