رؤية

تكاملية الأسواق المالية في الإمارات

نجيب الشامسي

تستوجب الهزة المالية التي تعرض لها سوقا أبوظبي ودبي الماليان، بفعل تطورات خارجية وعوامل داخلية، من أصحاب القرار، سواء في وزارة الاقتصاد، أو هيئة الأوراق المالية، أو حتى الشركات المساهمة والقطاع الخاص، المطالبة بالتسريع في دمج السوقين، بعد أن تأكد لنا حقيقة الأوضاع المالية الهشة للسوقين، التي كان ضحيتها شريحة كبرى من صغار المستثمرين والمضاربين، وبعد أن تأكد لوزارة الاقتصاد، والجهات المرخصة للشركات المساهمة مثل المصرف المركزي، والدوائر الاقتصادية، مدى ضعف القاعدة الرأسمالية والفنية والإدارية لشركاتنا المساهمة، التي تساهلت معها جهات الترخيص إلى حد بعيد عبر سنوات طويلة.

ولا يمكننا هنا ربط تراجع الأسعار في أسهم الشركات المتداولة في أسواقنا المالية بالأزمة المالية العالمية (أغسطس 2008)، فقد كانت هذه الأسعار تسجل تراجعاً واضحاً قبل الأزمة المالية، وجاءت هذه الأزمة لتفاقم أوضاع الأسواق، بفعل عوامل وأسباب تتعلق بأوضاع الشركات ذاتها، وللاستسهال في منح التراخيص لها، ثم في ظل تنافسية غير مدروسة بين إمارات الدولة، على تأسيس مشروعات مزدوجة، خصوصاً في ما يتعلق بالشركات العقارية، التي من خلالها تمت رهونات إلى شريحة من المستثمرين أو المتلاعبين من الأجانب، الذين لم يتلاعبوا بأسعار الأسهم والأسواق المالية فحسب، وإنما باقتصاد الدولة وسمعته وأوضاعه، فضلاً عن وجود إعلاميين انتهازيين استفادوا من فرصة الطفرة في الأسهم، وربطوا أنفسهم بالشركات لكي يكتبوا عنها، مقابل حفنة من المال، فعظّموا من أرصدتهم المالية على حساب أوضاعنا المالية والاقتصادية، وعلى حساب التلاعب بصغار المضاربين الذين اندفعوا وراء تحليلات وهمية من فكر أولئك الانتهازيين.

كم هو حجم السوقين الماليين؟ وما وظائف الأسواق المالية في دولتنا؟ وما التشريعات والقوانين التي تحكم الشركات عند الترخيص وعند التداول، وعند توزيع الأرباح أو الخسائر؟

هل اقتصاد الدولة وقدرته المالية يستوعب سوقين ماليين؟ ألا يدل هذا على وجود تنافس غير إيجابي له انعكاسات سلبية على أوضاعنا المالية والاقتصادية والاستثمارية؟ وماذا نبيع في تلك الأسواق سوى أسهم شركات بعضها (مضروبة)؟

لماذا لا يكون هناك شفافية في التعاطي مع التطورات الداخلية والخارجية، واستحقاقات المرحلة المقبلة ليصار إلى بناء سوق مالي خالٍ من الازدواجية في المشروعات، والتعارض في الأهداف، والتباين في القرارات والتشريعات؟

إن الأزمات المالية في أسواقنا وأسواق الدولة القريبة منا والبعيدة، إنما تمنحنا فرصة لمراجعة أوضاعنا المالية والاقتصادية والاستثمارية، لبناء اقتصاد واعد، وقاعدة رأسمالية لشركاتنا الوطنية الساعية إلى المساهمة الفعلية في تنمية الاقتصاد الوطني، لا سحب السيولة، وتجميدها في عقارات جامدة، أو ودائع مصرفية خارج المحيط الاقتصادي الوطني.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر