5 دقائق

بين العام والخاص

حمدان الشاعر

من الممكن استيعاب القرار الخاص بمعاقبة كل مدرس يقوم بإعطاء دروس خصوصية، إذا أخذنا ذلك في إطار إداري تنظيمي يراعي مسؤوليات الوظيفة واحترام التعاقد، لكن هل يعد هذا علاجاً سليماً وتربوياً يراعي تكافؤ الفرص ومصلحة الطالب؟ الكل يعلم عدم تساوي الطلبة في الاستيعاب واختلاف القدرات العقلية والإدراكية بينهم في الفهم والتطبيق، علاوةً على أن صعوبة التعلم هي مرض في الأساس يعامل فيه الطالب في بلدان كثيرة بمزيد من العناية والاهتمام، وإذا كانت النيات الحسنة دافعاً إلى عدم استغلال الطالب ودفع المدرس نحو الإجادة في الفصل، فإن معالجة ضعف المستوى، وتدني التحصيل الذي نراه اليوم تكون في إعادة النظر في مناهج اليوم وأساليب التدريس، مع إعلاء شأن المدرس ومنحه من المميزات ما يعفيه من أي مصادر رزق إضافية.

 

الدرس الخصوصي كالعلاج الخصوصي اليوم، فبعض الأطباء لا يهتم بالمريض الاهتمام اللائق، يحيله من المستشفى العام إلى عيادته الخاصة، إذ تتوافر أجهزة أفضل، ووقت أكثر وفحوص أشمل - مما يحتاج إليه المريض وما لا يحتاج إليه - لتضفي صدقية أكبر ومقارنة ذهنية غير عادلة بما يلقاه في المستشفى العام، وبطبيعة الحال مزيداً من المصروفات، ولا أحد يسأل أو يهدد بالتعامل بحزم مع الطبيب الذي جعل من المستشفى واجهة لتحويل المريض إلى عيادته، وعدم تكفله بتطوير وتأهيل مستشفاه بأحدث الأجهزة والمعدات.

اللجوء إلى الخاص من تعليم وصحة ليس إلا مؤشراً لخلل في المؤسسات العامة التي تخلت عن دورها الرائد في تقديم تعليم متميز وعناية صحية لائقة، والخلل ليس وليد اليوم، بل نتيجة تراكمات كثيرة من الأخطاء البنيوية والتنظيمية في هذه المؤسسات، حتى آلت إلى ما هي عليه اليوم، والحل لا يكمن في محاربة الخاص والتنفير منه والتضييق عليه، بل في تشخيص هذا الترهل الذي أصاب مفاصل دوائر خدمية عدة، وعبر الارتقاء بالعام مستفيداً من الثقة التي مازال المجتمع - رغم كل السلبيات - يحملها لمؤسساتنا الصحية والتعليمية العامة، ومرتكزاً على توفير أفضل الموارد والإمكانات من كوادر بشرية ومرافق وتجهيزات تعزز مسيرة التنمية وتطورها، وتضمن استدامتها لتحقيق دورها المنشود.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر