منكم السموحة
فشل تطبيق الاحتراف
متفقون على أن العيب ليس في الاحتراف بل في تطبيقه، لأن الاحتراف صناعة فرضت نفسها عالمياً ونقلت كرة القدم خصوصاً والرياضة عموماً من مجرد هواية تمارس للمتعة والتسلية واللياقة البدنية، الى « بزنس » يمكن ان يستثمر فيه الإنسان ويدرّ أرباحاً هائلة الى جانب انعكاسه على الأمور الرياضية الأخرى.
مفهوم الاحتراف في الإمارات ودول المنطقة لم يتخمر بالشكل الصحيح الذي يواكب تطبيقه في الدول المتقدمة كروياً، التي استفادت جيداً من الاحتراف في كرة القدم، حتى شكلت لها كيانات اقتصادية مستقلة تدير نفسها بنفسها، وتدرّ الأرباح مستثمرة سوق اللاعبين والملاعب وعوائد التسويق والبث التلفزيوني وتذاكر الدخول، ما انعكس على الأندية العالمية وبالتالي على امبراطورية الاتحاد الدولي بكرة القدم (الفيفا) الذي رفع دخله السنوي الى مليارات الدولارات، وكسب فقط من كأس العالم الأخيرة 2010 في جنوب افريقيا، ما يقارب ملياري دولار.
ونحن في الإمارات دخلنا الاحتراف بطريقة متسرعة على امل اللحاق بالركب تدريجياً، لنجد انفسنا نطبقه بقشوره من دون الاهتمام بمضمونه، معتقدين انه مجرد تعاقدات مع لاعبين بمبالغ عالية، وتوقيع عقود للاعبين برواتب مبالغ فيها، ودلال فائض عن الحاجة، حتى اصبحنا نعيش في منطقة وسطية ليست باحتراف ولا هواية. وليس عيباً ان نتعاقد مع لاعب اجنبي بمبلغ كبير لكن علينا ان نفكر في المدى الذي يمكن ان نكسبه من العقد، وكيف يمكن لنا ان نستثمره وندر الأرباح من خلاله.
فعلى سبيل المثال، نادي ريال مدريد الإسباني تعاقد مع البرتغالي كريستيانو رونالدو، بمبلغ خيالي وصل الى 94 مليون يورو عام 2009 في صفقة هي الأغلى في تاريخ الرياضة، وواجه النادي الملكي انتقادات لاذعة عن هدر الأموال وجدوى هذه الصفقة وحجم المبلغ المدفوع، لكن كشف الحساب السنوي للنادي اثبت ان ريال مدريد جنى اعلى عائد يحققه نادٍ في التاريخ وقدره 442.3 مليون يورو، وان ارباحه ارتفعت عن العام الماضي بنسبة 25٪، وكان الجزء الأكبر من عوائد النادي الإسباني يأتي من حقوق البث التلفزيوني وشراء لاعبين كبار مثل رونالدو الذي ارتفع سعره في سوق الانتقالات. وبالنسبة لأنديتنا فإن القليل منها يفكر بطريقة تسويقية او كشركة حقيقية تحسب الأرباح والعوائد من صفقاتها، ومدى انعكاسها على الفريق من الناحية المادية، خصوصاً في العام المنصرم الذي مر بصعوبة على الأندية التي عانت ازمات مالية. واعجبني هذا الموسم النهج الجديد لنادي الوصل الذي بدأ يفكر محترفاً وركز على الجانب التسويقي في صفقة الأسطورة مارادونا، فكانت الفكرة الجميلة بإلغاء الرقم (10) وانتاج قمصان تحمل شعار الوصل ومارادونا لبيعها وتسويقها، فضلاً عن افكار نادي الجزيرة في العام الماضي وطرقه في جذب الجمهور عبر الجوائز. وهنالك العديد من الأفكار التي يمكن ان يستثمرها الفهود عبر الأسطورة، وتدر عليهم ارباحا خيالية على كل الصعد، وتؤمن لهم الأموال اللازمة لتعاقدات الموسم المقبل، او لتغنيهم عن جزء كبير من الدعم الحكومي. نتمنى من جميع الأندية ان تتجه فعلياً هذا الموسم الى الاحتراف الحقيقي وتفكر في كرة القدم صناعةً ومنتجاً يقدم الى المستهلك وهو الجمهور، والا فما الفائدة من الاحتراف؟ وافضل لنا ان نعود الى الهواية او نعيد النظر في تطبيق الاحتراف.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .