رؤية

« مديونير»!

نجيب الشامسي

مثلما تشهد الإمارات زيادة مطردة في أعداد مليونيراتها الذين تعلن أعدادهم صحافتنا، وتشير إليهم تقارير دولية، فإن هؤلاء المليونيرية ما كان لهم أن يصبحوا من أصحاب الملايين، بل المليارات، إلا على حساب شريحة من المجتمع تنزلق يوماً بعد يوم من عضوية الشريحة الوسطى إلى شريحة الفقراء، بعد أن يمتص الأغنياء ما لديهم من أموال سائلة ومنقولة تحت مظلة الاستثمار في العقار أو المضاربات في سوق الأسهم، إضافة إلى القروض والتسهيلات التي يقترضونها من المصارف كي يشتروا بها من معارض ومحال وأسواق ومراكز الأغنياء أو من مليونيرات الإمارات، لكن يجب ألا ندين مليونيرات الإمارات الذين حققوا مصالحهم ومكاسبهم، وتمكنوا من تعظيم ثرواتهم على حساب أفراد المجتمع، وإنما ندين الطرف الآخر من المعادلة، وهم « مديونيرات » المجتمع الذين يتسابقون إلى المصارف ومعارض السيارات ومحال ومراكز التسوق، بقصد الاقتراض وشراء ما يحتاجون إليه، وما لا يحتاجون إليه، ليس إلا من أجل التباهي والتفاخر بأنهم يملكون سيارة فارهة، أو ساعات ثمينة أو هواتف وأرقاماً متميزة، أو السفر إلى دول يبعثرون قروضهم ورواتبهم فيها، ويعودون منها مفلسين يكابدون بعدها مرارة الديون وذل القروض، فلماذا يحدث هذا؟ ولمصلحة من؟

إن الوعي سلاحنا لمواجهة نزواتنا وشراهتنا ونزعتنا للاستهلاك والبذخ، إذ يكلفنا ذلك ثمناً غالياً من حياتنا وسمعتنا، فكثير من أولئك الذين تحتضنهم السجون، وأولئك المطلوبين للقضاء أو المعرضين للمساءلة القانونية، بسبب قروضهم المتضخمة التي استدانوها من المصارف، أو المطالبين بسداد ثمن سيارات أو ساعات أو كماليات يشبعون غرورهم، قد فقدوا وعيهم، واشتروا لحظات فارغة ونزوة طارئة بتكلفة غالية وثمن باهظ! فلماذا يحدث هذا؟

إن أولئك الذين يتسابقون إلى البنوك للاقتراض، ويضخمون من مديونياتهم، وأصبحوا من كبار « المديونيرية »، سيدفعون ثمناً غالياً كان بإمكانهم تجنبه، متى ما أدركنا أن إدمان تلك القروض سيوصلنا إلى السجون، وعندها لا يحق لنا إدانة التجار والبنوك فقط، وإنما ندين أهلنا وأنفسنا قبل غيرنا.

إن صور ومآسي « المديونيرات » كثيرة، خصوصاً حينما نشاهدهم يتوسلون المسؤولين عن القروض في المصارف لكشف حسابهم، ولو بمبلغ زهيد جداً، إذ صورة الذل واضحة على جباههم، وحالة الاستجداء ظاهرة في لسانهم، وألم القروض يعتصر قلبهم.. فلماذا يحدث هذا؟!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر