رؤية

جمعياتنا التعاونية.. وجمعياتهم

نجيب الشامسي

إن الأهداف التي نص عليها نظام الجمعيات التعاونية لا شك في أنها أهداف نبيلة وسامية، ووجود جمعيات تعاونية في مختلف إمارات الدولة إنما يشكل ظاهرة حضارية وصورة تضامنية بين أفراد المجتمع الواحد بما يحقق الاستقرار والأمن الغذائي والاستهلاكي لدى المستهلك.

وفي ظل التلاعب في الأسعار في أسواقنا المحلية، سواء في مجال السوبر ماركت أو البقالات، ثم في ظل صور الاحتكارات التي يمارسها ليلاً ونهاراً وعلناً تجار الجملة والمتحكمون في الأسعار، وفي ضوء صور الغش التجاري في السلع والبضائع، بما فيها السلع الغذائية والاستهلاكية، فإن وجود هذه الجمعيات التعاونية ودعمها من قبل حكوماتنا المحلية، وأصحاب النفوذ التجاري والاقتصادي، ثم وزارات الدولة المعنية، لاسيما وزارة الشؤون الاجتماعية، ثم وزارة الاقتصاد إنما يعزز من رسالة هذه الجمعيات ودورها في خدمة شرائح المجتمع المستهلكة. من ناحية أخرى، فإن قيام حكوماتنا المحلية بتقديم دعمها للجمعيات المنشأة في محيط الإمارة، سواء في هيئة أراضٍ مجانية، أو إعفائها من رسوم استهلاك الكهرباء والماء، وشق الطرق وتسوية المناطق الموجودة فيها فروع تلك الجمعيات، إنما من شأنه تعزيز دور ورسالة هذه الجمعيات، لكن هناك جمعيات محرومة من كل أو معظم تلك التسهيلات أو الدعومات، وفيما الأسعار مناسبة في الجمعيات المدعومة فإن الأسعار في بقية الجمعيات مرتفعة بسبب التكاليف والنفقات التي تتحملها الجمعيات غير المدعومة، خصوصاً أن الجمعيات المحرومة موجودة في الإمارات التي يكابد المستهلك فيها ارتفاعاً في الأسعار ومحدودية الدخول.

وهنا يأتي تدخل الوزارات المعنية بحيث لا يقف دور وزارة الشؤون الاجتماعية عند حدود التشريع والإشهار، وإنما يتطلب تدخلاً مباشراً لدى الحكومات المحلية للتأكيد على أهمية دعم الجمعيات، ومدها بالخدمات الأساسية للقيام بدورها ومسؤولياتها، كذلك يأتي دور وزارة الاقتصاد من خلال إلزام الموردين من تجار الجملة الذين تضطر الجمعيات إلى التعاون معهم لتقديم أسعار مقبولة ومشجعة، وكسر كل صور الاحتكار الذي تمارسه شريحة من تجار الجملة. كذلك فإن الاتحاد التعاوني مطالب بالقيام بدوره لدى الوزارات المعنية، ثم الحكومات المحلية لمطالبتها بالقيام بمسؤولياتها تجاه الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، بما في ذلك تقديم الدعم المادي والمالي ليتسنى لهذه الجمعيات توسيع خدماتها، ووجود فروعها في مختلف المناطق السكنية لخدمة المستهلكين.

في هذا السياق لابد من الإشارة إلى تجربة الكويت الفريدة في تأسيسها ودعمها الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، حيث تدعم هذه الجمعيات بتوفير مقار لها في الأحياء السكنية، وتشجع أبناء المنطقة السكنية في الإسهام وشراء كل احتياجاتهم من هذه الجمعيات التي تقدم لهم سلعاً بأسعار مدروسة ومراقبة صحياً، وتقدم لهم خصماً قدره 10٪ على مشترياتهم من السلع والبضائع، إضافة إلى الأرباح السنوية التي توزع على المساهمين سنوياً، فيما تعرض هذه الجمعيات سلعها وبضائعها في شهر رمضان بأسعار التكلفة لتخفيف الأعباء المعيشية عن المستهلك في هذا الشهر الفضيل. فهل تستوعب جمعياتنا هذه التجربة الفريدة، وهل تلتزم الأطراف المعنية والمسؤولة بدعمها المنشود لهذه الجمعيات؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر