رؤية

مفاهيم ومصطلحات

نجيب الشامسي

لعل الثورات العربية التي شهدها عدد من الدول العربية، نقلت إلينا الكثير من المعلومات الجغرافية والتاريخية حول المدن والقرى التي شهدت الثورات، كما تعرفنا من خلالها إلى مفاهيم ومصطلحات عسكرية لم نكن نعرفها من قبل، ليس هذا فحسب، بل إن تلك الثورات كشفت لنا عن حقيقة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتباينة بشكل خطير ومؤلم بين مدن وقرى الدول التي شهدت تلك الثورات، إذ إنه في الوقت الذي تنعم بعض شرائح المجتمع وعدد من المدن بالتطور والعمران والمستوى المعيشي الجيد، فإن هناك مدناً وقرى وشرائح من المواطنين تعيش حالة من الفقر المدقع، وهذا التباين الخطير والكبير والصريح هو السبب المباشر في الاحتقان الذي أدى إلى الانفجار المدوي الذي شهدته تلك القرى والمدن البائسة والمنسية.

ولعل من أهم أبعاد تلك الثورات هو تفجر حناجر الشعوب المقهورة والمظلومة والمكلومة، وكذلك تلك الشرائح المناصرة لها، والرافضة لمختلف أشكال وصور القهر الاجتماعي والمعيشي والظلم السياسي عن كلمة « الله أكبر ».. « الله أكبر » على كل مستبد وظالم وقاهر لشعبه وأمته.. « الله أكبر » أكدت لكل شعوب الأرض أن الله ناصر لكل من ينادي باسمه وينشد رحمته، ويعلي اسمه، لم يعد « الكتاب الأخضر » هو « قرآن » ليبيا، وإنما كان ولايزال وسيبقى القرآن الكريم منهج حياة أهلنا وأشقائنا في ليبيا، و« إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ».

« الله أكبر » اعتلت كل الشعارات التي كانت تلك الأنظمة تغذي بها شعوبها، وربما تدغدغ بها مشاعرهم وأحاسيسهم وتخدر بها عقولهم، وربما تقذف بالرعب في نفوسهم، وتعطل بها إرادتهم.. « الله أكبر » كانت السر الذي كسرت به تلك الشعوب حالة الخوف التي استمرت فترة طويلة تكبل إرادتهم وعقولهم.. « الله أكبر » في تونس.. « الله أكبر » في مصر.. « الله أكبر » في اليمن.. « الله أكبر » في سورية.. « الله أكبر » في فلسطين.. إنها السمة المشتركة والكلمة الموحدة لمختلف الشعوب المقهورة معيشياً، والمقهورة سياسياً والمقهورة فكرياً، والمطعونة في كرامتها.

« الله أكبر » وحّدت مختلف تلك الشعوب التي تفجرت حناجرها مهما اختلفت أطيافها وانتماءاتها ودياناتها، إذ تأكد لها أن الله فوق كل المعتدين، الله فوق كل الأنظمة، مهما تمادت في ظلمها وغيّها.. « الله أكبر » هي فلسفة حياة، ومنهج الأمم التي تنشد التقدم والتنمية والاستقرار والكرامة.. « الله أكبر » وحدّت الشعوب الثائرة، وأيقنت أن الشعوب المكبرة معها والمناهضة لكل صور الظلم والموحدة لشرائع السماء ستكون معها، تساندها في ثورة الكرامة مهما تلاعبت الأنظمة الظالمة لها على محاولة تفكيك نسيجها الاجتماعي، واللعب على اختلاف عقائدها بمساعدة وأنظمة غاشمة، فقد توحدت تلك الشعوب على عقيدة إلهية، وكلمة التوحيد، وثورة الكرامة، والثورة على كل صور الاستبداد والظلم والاستعباد.. « الله أكبر » على كل من اعتقد أو ظن أنه أكبر من هذه الكلمة، أو رفع شعاراً غير كلمة التوحيد.. « الله أكبر » على كل ظالم والعزة للمؤمنين.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر