رؤية

كيف يحمي المستهلك نفسه؟

نجيب الشامسي

على الرغم من الجهود المبذولة من قبل وزارة الاقتصاد وجمعية حماية المستهلك في الدولة، وكذلك بقية المؤسسات الحكومية، فإنه لا مناص من قيام المستهلك في الإمارات، سواء المواطن أو المقيم، بحماية نفسه، فالمستهلك في الإمارات متهم بنزعته الاستهلاكية، وشهوته في تقليد ومحاكاة الغير، لاسيما طبقة الأغنياء في المجتمع، وللتدليل على ذلك نرى حجم القروض الشخصية في الإمارات يسجل أرقاماً فلكية، يذهب معظمها نحو الإنفاق الاستهلاكي على سلع غذائية وصناعات استهلاكية وكمالية.

ومن ناحية أخرى، فإن حجم الإنفاق الاستهلاكي في شهر رمضان الكريم يسجل معدلات وأرقاماً تصاعدية، من دون أن يكون هناك وعي استهلاكي لدى المستهلك في الإمارات، إذ يتدفق الأفراد ـ لاسيما النساء ـ إلى الأسواق والمراكز التجارية قبيل شهر رمضان وأثناء أيامه المباركة، لشراء ما يحتاجون أو ما لا يحتاجون إليه من سلع غذائية، كأننا نعيش حالة هلع وخوف من أن تلك السلع والبضائع معرضة للنفاد من السوق! أو أن هناك طارئاً ستتعرض له الدولة أو السوق دفع المستهلكين إلى التدفق إلى الأسواق لشراء احتياجاتهم التي يفوق حجمها قدرتهم الاستيعابية طوال شهر رمضان.

إن حجم المشتريات من السلع والبضائع الاستهلاكية لا يفوق القدرة الشرائية للمستهلك فحسب، وإنما يؤدي إلى إصابة موازناتهم الأسرية بعجز بسبب فواتير تلك السلع، التي يذهب الجزء الأكبر منها نحو سلال وبراميل القمامة!

إن المستهلك بحجم الإنفاق هذا يؤكد غياب الوعي الاستهلاكي لديه، وهو يوقع نفسه في تناقض شديد بين مفهوم وفلسفة شهر رمضان الكريم، والممارسات الخاطئة التي تتنافى مع مبادئ الشهر وفلسفته، كما أنه بحجم إنفاقه هذا في شهر الصيام، يؤكد حجم الإسراف الذي يرفضه الدين، كما أن هذا الإنفاق بهذه المعدلات إنما يخلق طلباً كبيراً في السوق المحلية، ويكون المستفيد الأول منه شريحة التجار الذين يجدون في هذا الشهر فرصة سانحة نحو تعظيم أرباحهم على حساب المستهلك ومحدودية وعيه، والتناقض الذي أوقع نفسه فيه، وبالتالي لن يكون هناك مبرر مقبول لدى مؤسسات الدولة من صرخات المستهلكين من ارتفاع الأسعار في شهر رمضان.

إن الوعي الاستهلاكي لدى المستهلك في الإمارات إنما يشكل قضية مهمة في إعادة التوازن إلى السوق الاستهلاكية، فليس هناك مبرر لهذا التدفق نحو الشراء، وليس هناك مبرر في حجم الإنفاق، فالسلع الاستهلاكية متوافرة في أسواقنا، وبدائلها متعددة، والمستهلك أحد أطراف مراقبة الأسعار وإعادة التوازن إلى السوق، ويجب أن يملك المستهلك الوعي الكافي بأن شهر رمضان هو شهر عبادة، وليس شهر ملء البطون بحجم كبير من الطعام، وشهر رمضان فرصة لاستعادة الصحة للمستهلكين الذين يعانون الشحوم والدهون الزائدة والبطون المترهلة، والمستهلك يجب أن يدرك أن وزارة الاقتصاد والجهات المعنية لا تستطيع وحدها أن تحدّ من ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، إذا لم يسهم المستهلك بدوره في إعادة التوازن إلى سوق الاستهلاك!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر