رؤية

نحو تجفيف التجاوزات

نجيب الشامسي

ندرك جيداً حقيقة القطاع الخاص ودوره في اقتصادنا الوطني، نعرف جيداً أبعاده وأهدافه، وآليات العمل فيه، كما ندرك بحقيقة الدعم الذي تقدمه الدولة بقياداتها وحكوماتها وقطاعاتها، وهيئاتها إلى هذا القطاع على الرغم من كل سلبياته، وعلى الرغم من كل إفرازات السنوات الماضية، وكون هذا القطاع كان ولايزال متطفلاً على الدولة، واستفاد ولايزال من كل الحوافز والمزايا والتسهيلات التي وفرتها الدولة له من منطلق إيمانها بأن هذا القطاع سيقود قاطرة التنمية في البلاد.

فجأة، اتضحت حقيقة هذا القطاع، وأدرك المسؤولون بأنه أصبح بيئة خصبة للفساد، ومستنقعاً للتجاوزات والاحتيال، ما أفرز تأثيراً سلبياً مباشراً على صورة البلاد وسمعة الاقتصاد.

هكذا برزت صورة الفساد الذي طالما حذرنا منه، ولم يكن لهذا الفساد وصوره الخطيرة أن تظهر في هذا القطاع ( الواعد )، إلا بسبب تراخي القوانين والتشريعات المحلية منها والاتحادية، ثم تباين السياسات الاقتصادية بين إمارة وأخرى، وغياب الجمعيات العمومية عن مساءلة ومحاسبة القيادات التنفيذية في شركات ومؤسسات القطاع الخاص، على الرغم من علمها بالممارسات الفاضحة والتجاوزات الخطيرة للقيادات فيه! ثم وجود قصور واضح وصريح في تطبيق حوكمة شركات ومؤسسات القطاع الخاص، بعد أن ترك لها الحبل على الغارب، تفعل ما تشاء، وتمارس كل الأدوار! بل إن الفاعلين في هذا القطاع استطاعوا إقناع حكوماتنا ووزاراتنا بكل ما يخدم مصالحهم وأهدافهم التي دوماً ما تتعارض مع الصالح العام، وسياسة البلاد وأهداف الاقتصاد!

من هنا وبعد الصور المشوهة للاقتصاد التي ظهرت في هذا القطاع، لاسيما خلال العامين الأخيرين، وبعد أن تأكد لحكوماتنا حقيقة دور القطاع وسياساته وآليات العمل فيه، فإنه لابد من تدخل صريح وحازم للمحافظة على سلامة الاقتصاد، وتنقية البيئة الاستثمارية من خلايا الفساد وجيوبه، ومن خلال البحث عن أسبابه والعوامل الداعمة له في مختلف منشآتنا الحكومية والخاصة، بعد أن أضحت المسؤولية بين الحكومة/الحكومات، والقطاع الخاص مشتركة، ما يتطلب إبرام وثيقة شرف وشراكة بين القطاعين، لمواجهة التجاوزات في القطاع الخاص، والعمل على محاربة أشكال وأسباب التجاوزات.

وتأتي هذه الشراكة بين الطرفين، من خلال وجود تشريعات وقوانين متطورة تسنهّا الدولة، وترسي من خلالها دعائم بيئة استثمارية صحية وتحول دون حدوث تجاوزات، وتتبنى برامج توعية لمختلف العاملين أو المتعاملين مع مؤسسات القطاع الخاص بضرورة الحيطة من الوقوع في فخ تجاوز القوانين، باعتبار أن هناك عقوبات صارمة وإجراءات قوية ضد من يمارس أي شكل من أشكال الفساد، كما يجب العمل بشكل مشترك على الالتزام بمعايير الشفافية والإفصاح، ومراجعة الحسابات ومعايير المحاسبة، وتفعيل الجمعيات العمومية في شركات القطاع الخاص ومؤسساته، للقيام بدورها في المحاسبة والمساءلة سعياً نحو تحصين قطاعنا الخاص من أي تجاوزات.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر