أقول لكم

عندنا، عند العرب، أي تحرك في الشارع أو في الـ«فيس بوك» يعتبر ثورة، أو احتجاجاً أو معارضة، وعندهم، عند الأوروبيين، يعتبر التحرك في الشارع شغباً، أحرقت الممتلكات أم لا، تواجه الشباب والشرطة أم لا، فهو شغب وتخريب.

عندنا تبارك كل الخطوات، وإن أطلقت الشرطة رصاصة في الهواء قيل إنها مستبدة، وعندهم مدانة كل الخطوات، والشرطة تعلن أنها تستخدم كل الوسائل لوقف الاحتجاجات ولا يتحدث أحد.

عندنا يكون القهر هو الذي أخرج الناس، وعندهم تكون السرقة هي السبب الرئيس، ويقام نصب تذكاري للبوعزيزي في باريس، لكن هذا الإنجليزي الأسمر الذي قتل لمجرد الاشتباه فيه ينكر الجميع أنه سبب اندلاع ثورة الشباب في لندن دون بريطانيا الأخرى.

عندنا ربيع، وعندهم خريف، عندنا أبطال، وعندهم مشاغبون ومخربون، نؤيدهم، كلنا نتبع ما يقولون، نطلق على الذي يحدث في لندن أعمال شغب، نخشى المسميات الأخرى، لا نريد أن نلصقها بهم، فهم يقولون إنها أعمال شغب، إذاً هي أعمال شغب، فلا يجوز أن نخالفهم، هم لا يوضعون تحت المجهر، ولا يحق لنا أو لغيرنا أن يشرحهم أو «يشرشحهم»، هم فوق كل ذلك، هم الذين أسسوا الديمقراطية ، وهم الذين وضعوا مبادئ حقوق الإنسان، وهم الذين أصدروا العهود الضامنة للحريات، وهم الذين علمونا، ومازالوا يعلموننا، كيف تسمى الأشياء بأسمائها، وكيف تركز الحملات الإعلامية على الجانب الأسود من الصورة، تظهر عمليات السرقة كأنها الأصل، وكذلك الحرائق، والشرطي وهو يهان ويلاحق بأعمدة الإشارات المنزوعة من الأرصفة، وبرئيس وزراء يتجول في أماكن الأحداث ليطمئن الناس بعد أن قطع إجازته السنوية، لكن هناك من يموت فلا نراه، وهناك من يصاب دون أن يصور، وهناك هراوات وغاز ويقال إطلاق نار، لكن الصورة لا تكتمل، ونتساءل عن الإعلام هناك، أين هو؟ ثم نتراجع، فنحن نتحدث عن إعلام الإنجليز الذي علمنا الحرية والاستقلالية والصدقية، وكذلك الشفافية، فنخجل من أنفسنا ونبصم، نقول إن ما يحدث هناك مجرد أعمال شغب!

myousef_1@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر