رؤية

دع الوظيفة وابدأ الحياة!

نجيب الشامسي

الكثير من أبناء عروبتنا لا يعرف أن الهدف الحقيقي من الحياة هو السعادة، وأن رضا النفس والتصالح معها والمواءمة تحقق لنا السعادة التي يفتقدها الكثير من الناس، وهذا (الكثير) من الناس يتمسك بالوظيفة حتى آخر رمق في حياته، بل بعضهم يموت جالساً على كرسي الوظيفة بسبب الضغوط الشديدة التي يعانيها الموظف في يومنا هذا، فإن كنت تعمل لكي تعيش، فاعلم أنك تعمل لتموت! فقد أصبحت الوظيفة في يومنا هذا سبباً مباشراً في الكثير من الأمراض الخطرة، فالبيئة الوظيفية، أو بيئة العمل، تشهد ضغوطاً صعبة يعاني فيها الموظف الذلّ اليومي، ويتلقى الإهانات المستمرة، ويشعر بأنه يتنازل يوماً بعد يوم عن كرامته وإحساسه بإنسانيته، ويحمل تلك الانكسارات اليومية إلى أسرته ومن يتعامل معه من أفراد المجتمع.

إن تغييب الحقوق الإنسانية والدستورية، وأبسطها حق العمل، أوجد ظاهرة البطالة، وهذه البطالة دفعت إلى قبول أفراد المجتمع العمل في بيئات وظيفية تفتقر إلى معايير العدالة والممارسات الإنسانية، فيضطر الإنسان إلى قبول هذه الوظيفة مهما كانت شروطها، وهذا ما يحدث في مجتمعنا.

على الرغم من أن القانون يعطي شريحة من الموظفين حق التقاعد، إلا أنهم يظلون متمسكين بوظائفهم على الرغم من أن البيئة الوظيفية فاسدة، وتفتقر إلى معايير الإحساس بالكرامة والعدل، وعلى الرغم من أن هذه الشريحة تملك من المال الذي يحفظ كرامتها ويجعلها تعيش بعيداً عن ضغوط العمل، فإنها تظل متمسكة بالوظيفة رغم تجاوزها فترة التقاعد، وهنا لا تسمح هذه الشريحة بتجديد العمل، وتحول دون دخول عناصر جديدة إلى الوظائف، وتظل قابعة في وظائفها حتى يملّ كرسي العمل منها.

هؤلاء لا يشعرون بمتعة الحياة، ويعيشون تحت ضغوط شديدة حتى لو مُست كرامتهم وصحتهم ونفسيتهم! ربما نوجه هنا رسالة إلى هؤلاء الموظفين بأن يفسحوا الفرصة أمام جيل جديد يبحث عن فرصته سواء بالعمل أو بالترقية، خصوصاً أن مؤسساتنا الحكومية تحتاج تجديد خلايا العمل فيها بعد أن أصابها الوهن والشيخوخة، وهؤلاء الموظفون عليهم مغادرة وظائفهم ليعيشوا السنوات المتبقية من حياتهم بعيداً عن ضغوط العمل. هؤلاء الموظفون عليهم أن يدركوا أن الوظيفة ليست حياة أبدية يعيشونها، وليست تركة ورثوها عن أجدادهم، وليست قدرهم، وإنما هي محطة في حياتهم، بعدها يجب أن يتمتعوا بحياتهم، وبالسنوات القليلة المتبقية من عمرهم، إنهم يجب أن يدعوا الوظيفة التي استنزفت أحلى سنوات عمرهم، ويبدأوا الحياة لعلهم يدركون حقيقتها.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر