5دقائق

الصومال.. الكارثة الإنسانية

حمدان الشاعر

في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل داخل أروقة مجلس الأمن بشأن قضية التغير المناخي، وفي ما إذا كانت قضية بيئية صرفة أم قضية أمنية تستحق اهتمام المجلس، فإن أزمة شعب الصومال لن تنجلي بمجرد إيجاد اتفاق مقبول بين الدول، بل تزداد وطأة المعاناة يوماً بعد آخر في ظل جفاف شديد يهدد 10 ملايين من البشر، تاركاً ثلاثة ملايين منهم في مجاعة قاسية. وإن كان الخلاف الحالي يهدف إلى عدم تسييس قضية التغير المناخي، ويحصرها فقط في إطارها البيئي خشية تدخل الدول الكبرى في المناطق المتضررة بحجة الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، فإن الواقع الذي يعايشة الملايين لا يعبأ كثيراً بكل هذا الجدل، فالمناطق المتأثرة من الجفاف والتصحر تعاني شبحاً لفراغ أمني، وقلاقل سياسية تجعل من ملايين البشر عرضة لصراعات غير ذات جدوى، سوى مزيد من اشتعال حرائق يكتوي العجائز والأطفال بنيرانها.

تدعي حركات التمرد في الصومال أن بلادهم لا تعاني مجاعة، وأن كل ما يروج له ليس سوى دعاية مغرضة تهدف إلى تدخل الغرب في بلادهم، رغم أن حقائق المناخ تشير إلى أن القرن الإفريقي مر بعامين من انخفاض معدل سقوط الأمطار، وأكثر السنوات جفافاً منذ عام ،1995 التي نتج عنها نفوق الماشية وجفاف المحاصيل وازدياد معدلات سوء التغذية وارتفاع حالات وفيات الأطفال.

الفشل المزمن في هذا البلد يظل كابوساً مؤرقاً، فلا هؤلاء استطاعوا النهوض باقتصاد البلاد أو توفير متطلبات الحياة الأساسية، ولا ضبط الاستقرار الاجتماعي، وجل ما يروجونه هو خطاب تقليدي فارغ من أي مضمون، وتكرار لنغمة الاستعمار الغربي والامبريالية العالمية.

نعم هناك أجندات لكل القوى، لكن ليس على طول الخط، فهناك إنسان يعاني وشعب ممزق يدفع ثمن صراعات لا طائل لها. في حالة الصومال هناك بالضرورة استثناء يجعل من التغاضي عن الوضع الإنساني المتردي جريمة! فالجفاف الذي يقضي على طفل كل ساعة، والجوع الذي تحول إلى قضية إنسانية بكل المقاييس يحرضان على سرعة إنقاذ هذا الشعب المسلم الذي كان لزمن طويل ضحية تصفية حسابات، كونه يحتل موقعاً جغرافياً مهماً على خريطة الوطن العربي الكبير.

بعيداً عن أية اعتبارات، فإن قضية الصومال اليوم هي إنسانية في المقام الأول، وتتطلب استدعاءً عاجلاً نحو نصرة هذا الشعب، ومد يد العون إليه بالطعام والدواء والمأوى من دون الزج بهذه المأساة في أية تدخلات سياسية أو قصص وهمية يسوقها المتنفذون والمستفيدون من كوارث هذا الوطن المنكوب.

 

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر