رؤية

المصارف التجارية والقروض العقارية

نجيب الشامسي

في إطار مسؤوليات المصرف المركزي باعتباره السلطة النقدية في الدولة نحو تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية، والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة، وبما يساعد على دعم الاقتصاد القومي واستقرار النقد استناداً إلى ما نصت عليه المادة الخامسة من القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1980 في شأن المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية وتطويرها، ومراقبة فاعلية الجهاز المصرفي، فإنه وبموجب هذا القانون حظر المشرع على المصارف التجارية أن تزاول أعمالاً غير مصرفية نصت عليها المادة (90) من القانون وبوجه خاص ممارسة التجارة أو الصناعة أو امتلاك البضائع والمتاجرة بها لحسابها الخاص، ثم شراء العقارات لحسابها الخاص إلا في حالات معينة، أو شراء أسهم الشركات التجارية أو شراء سندات القروض العائدة إليها إلا في حدود 25٪.

كما أنه وفقاً للمادة (50) من القانون الاتحادي، لا يجوز للمصرف التجاري أن يزاول أي عمل تجاري، ولا أن يمتلك عقاراً على خلاف أحكام هذا القانون، ولا أن تكون له مصلحة مباشرة في أعمال تجارية أو صناعية أو زراعية أو أي مشروع ما لم يكن ذلك وفقاً لأحكام هذا القانون.

وفي ضوء ذلك نتساءل: إلى أي مدى تلتزم مصارفنا التجارية بما نصت عليه المادة المشار إليها آنفا؟ وكم عدد المصارف التي تورطت في الأنشطة المحظورة؟ وكم عدد المصارف التجارية التي دخلت طرفاً مباشراً أو غير مباشر في تمويل مشروعات عقارية دون دراسة الجدوى الاقتصادية لها من قبل مكاتب متخصصة، أو حتى تمويل عمليات مضاربة في سوق العقار تعرض أموال البنك وأصوله لخسائر تنعكس على عملياته وأرباحه؟!

وإذا ما قام المصرف المركزي من خلال فرق التفتيش لديه بالفحص والتدقيق ومراجعة عمليات التسهيلات المصرفية التي قدمها بعض المصارف التجارية لتمويل مشروعات عقارية أو تمويل المضاربات في سوق العقار، ألن يكشف أن هناك خللاً واضحاً يشكل تجاوزاً صريحاً لهذه المصارف للعمليات التي نصت عليها المادة (90) من قانون إنشاء المصرف المركزي؟!

وإذا ما سلمنا بأن للمصارف التجارية حق تمويل مشروعات عقارية سكنية وتجارية في ظل محدودية الأوعية الاستثمارية وتنافس المصارف على تحقيق أرباح سنوية، ألا تكشف فرق التفتيش بالمصرف المركزي أن هناك تجاوزاً لحجم القروض والتسهيلات الممنوحة لغايات إنشاء عقارات تزيد في مجموعها على 20٪ من مجموع ودائعها، وفقاً لما نص عليه البند الثالث من المادة (91) من قانون إنشاء المصرف المركزي؟!

هل يغيب عن جهاز الرقابة والتفتيش بالمصرف المركزي أن المصارف التجارية وفي إطار تنافسها المحموم على اقتناص الفرص، حتى لو كانت خاسرة أحياناً، تسجل تجاوزات صريحة لقانون المصرف المركزي بما في ذلك دخولها طرفاً في امتلاك العقارات وتمويل المضاربات العقارية، وتمويل مشروعات عقارية دون دراسة علمية للجدوى الاقتصادية، وان بعض تلك المصارف يقوم بمهام مكاتب الوساطة العقارية ومكاتب التأجير للعقارات مقابل عمولات معينة؟!

إن المادة (94) من القانون ذاته قد نصت على أن للمصرف المركزي حق تزويد المصارف بالتعليمات أو التوصيات التي يراها محققة لسياسته الائتمانية أو النقدية، وله أن يتخذ التدابير وأن يستخدم الوسائل الكفيلة بتأمين سير العمل المصرفي على وجه سليم، فهل ننتظر قيام المصرف بإصدار تعليمات واضحة وصريحة وصارمة (إن لزم الأمر) للحيلولة دون حدوث تجاوزات جديدة؟!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر