رؤية

أهمية البحث العلمي في حياتنا

نجيب الشامسي

إذا كانت دولة الإمارات تسعى إلى تحقيق حضور دولي وتنمية اقتصادية وبشرية، وأن يتبوأ إنسانها موقعاً مناسباً، وإذا كنا لا نقبل إلا بالمركز الأول وتحقيق نجاحات وبطولات، فإن ذلك مرهون بوجود قناعة تامة بالبحث العلمي.

إن التحديات التي تواجهنا والأزمات التي تحاصرنا حالياً تستوجب منا فهماً دقيقاً لحقيقة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والثقافية التي تتفاعل في مجتمعنا، وتلك المفاهيم والمتغيرات التي استجدت في عالمنا المعاصر، والتي تستوجب التعاطي معها، تتطلب بحوثاً ودراسات عميقة من خلالها نشخص واقعنا ونحدد معالم مستقبلنا.

إن البحوث العلمية التي نبتغيها وتحقق هدفنا، ليست تلك البحوث ذات القوالب والنماذج المستوردة، وليست تلك المصوغة بعقول أجنبية، فتلك القوالب والنماذج والعقول لا تراعي بيئتنا المحلية، ولا تراعي حقيقة وجودنا وعاداتنا وتقاليدنا، ولا حتى مستوى تفكيرنا أو نهج حياتنا، وإنما تراعي تحقيق انفلات في حياتنا، وزعزعة قيمنا، واستهداف كياننا الاجتماعي، بهدف تحقيق المال وأهداف ربما تكون خافية على الكثير منا.

إن قيمة البحوث وأهميتها تكمن في مراعاتها لاحتياجاتنا الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتقديم حلول ناجحة لمشاركتنا، وطرق لمواجهة تحدياتنا، وآليات لتحقيق تنميتنا وتعزيز حضورنا وأمن واستقرار وطننا ورفاهية شعبنا، ومن هنا، فإن الجهات المعنية في الدولة ــ بما فيها الحكومات المحلية ــ مطالبة اليوم، وفي إطار سعيها لبناء مستقبل الدولة وازدهارها، أن تعمل على التوسع في إنشاء مراكز للبحوث العلمية وتشجيع البحث العلمي، ودعم الباحثين في مختلف الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية والمصرفية والمالية والسياسية والثقافية، كما أن على الدولة أن تعتمد في موازناتها السنوية بنداً مالياً يتم رصده بهدف دعم الباحثين ومراكز البحوث في الدولة، ومطالبتها بعمل مسوحات ودراسات علمية وعملية ناضجة تتضمن تشخيصاً لواقعنا، ومعالجة لتحدياتنا، ورؤية لمستقبلنا، كما أن هذه المراكز مطالبة بإصدار مجلات علمية وإعلامية وإحصاءات وبيانات علمية تعزز من البحث العلمي وتسهل مهمة الباحثين.

ويمكن لهذه المراكز، في حال وجود دعم مادي، التعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في إعداد دراسات تحتاج إليها، كما أن من شأنها أيضاً تنظيم مؤتمرات وندوات تسهم في صياغة الوعي في المجتمع.

وتستطيع تلك المراكز إعداد طلبة الجامعات عند وضع دراساتها وبحوثها بهدف توعيتهم بأهمية البحث العلمي، وتشجيعهم على الانخراط في هذا المسار، من ناحية أخرى، فإن القطاع الخاص، الذي يمكن أن يستفيد من هذه الدراسات مطالب بالدخول شريكاً مع هذه المراكز وداعماً لها في تحقيق أهدافها، وبالتالي أهداف التنمية في الدولة.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر