رؤية

سوق العمل وإصلاح التعليم

نجيب الشامسي

مهما تحدثنا عن سوق العمل في الإمارات، وحقيقة التنمية في تلك السوق أو الإغراق الذي تعاني منه، ومهما تحدثنا عن إصلاحات حقيقية في سوق العمل، فإن هذا الحديث لن يكون مجدياً إذا لم نشخص حالة التعليم ونصلحها بناءً على ذلك، باعتباره مفصلاً مهماً، ليس لسوق العمل فحسب، وإنما لحالة الوعي والتنمية الشاملة في الإمارات، لاسيما التنمية الاقتصادية، إذ إن إصلاح التعليم يأتي خطوة أساسية في وجود سوق عمل منتجة، كما أنه من ناحية ثالثة، إذا لم تكن هناك استراتيجية للتنمية، يكون التعليم ومخرجاته محوراً مهماً فيها، فإن البطالة، لاسيما الوطنية، ستشهد معدلات تصاعدية من شأنها أن تكون لها انعكاسات خطرة على الفرد نفسه وعلى الأسرة والمجتمع، ثم أمن الدولة ومستقبلها الاقتصادي.

من جانب آخر، فإن النقص في كل من التشريعات والقوانين المنظمة لسوق العمل، والرؤية الواضحة للتعليم ومتابعة تنفيذها من ناحية أخرى، وإلزام القطاع الخاص بتشغيل المواطنين وفق برنامج زمني محدد من ناحية ثالثة، كل ذلك يجعل الحديث عن وجود سوق عمل تتبنى المواطن في ظل مخرجات تعليم مميزة، لا معنى له ولا أساس.

ومما يؤكد حقيقة ذلك، أن القطاع الخاص يدعي ويبرر دوماً عدم قبوله أبناء الدولة من خريجي الجامعات والكليات والمعاهد، بأنهم لا يجيدون اللغة الإنجليزية، ولا التعاطي مع التقنية الحديثة، وهذا يؤكد حقيقة الموقف السلبي من قبل القطاع الخاص، الذي لا يحترم سياسة الدولة، ولا يعترف بأهمية هؤلاء الخريجين العلمية، وربما حتى بأحقيتهم الوطنية في العمل في وطنهم!

وإذا ما سلمنا بنظرة القطاع الخاص لأهمية أبناء الدولة، فإن صدمتنا ستكون كبيرة، إذ إن هذا يعني إقرارنا بفشل مخرجات التعليم التي يصفها القطاع الخاص بأنها هزيلة علمياً ومهارياً، على الرغم من أن اللغة الإنجليزية، ثم التعاطي مع الحاسب الآلي ما هي إلا مهارات يمكن اكتسابها من خلال برنامج تأهيلي وخلال فترة زمنية محدودة بالنسبة لغير المؤهلين، لكن سوق العمل تشهد أعداداً كبيرة من أبناء وبنات الإمارات الذين يتعاملون مع الحاسب الآلي بشكل كبير، وهم خريجو جامعات وكليات تدرس مناهجها باللغة الإنجليزية، حتى يكاد منهاج اللغة العربية يدرس باللغة الإنجليزية! إذاً أين الخلل؟ وأين المشكلة؟ ربما يتوقف الأمر على موقف الدولة بمؤسسات مختلفة، لاسيما وزارة العمل، إذ تقف هذه المؤسسات مكتوفة الأيدي، بل تسهم في عملية إغراق سوق العمل بعمالة رخيصة التكلفة، غير مؤهلة، تسهم في تمكين الأجانب من سوق العمل ومؤسسات القطاع الخاص، ما يفاقم من حجم الأزمة.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر