رؤية

هيئاتنا ومسؤولية التوطين

نجيب الشامسي

إن قضية توطين الوظائف في شركاتنا وهيئاتنا ليست من مسؤولية الحكومة وحدها، وإنما هي مسؤولية مشتركة مع هيئات، ومؤسسات، ومصارف وطنية وغير وطنية، التي استفادت ولاتزال تستفيد من خيرات الدولة ومزاياها، وما قدمته الحكومة والحكومات المحلية من تسهيلات لها.

إلا أنه في قراءة أولية لواقع توطين الوظائف في الدولة، نجد أن مؤسساتنا وهيئاتنا الحكومية وشبه الحكومية، هي أول من تتخلى عن مسؤولياتها الوطنية.

حينما قامت هذه الهيئات بالتلاعب بسياسة التوطين التي تطالب بها الحكومة، من خلال إنشاء وتأسيس شركات تابعة لها، تكون نسبة التوطين فيها ضئيلة، ومعظم العاملين فيها أجانب، في محاولات منها للتملص من سياسة التوطين، خصوصاً أن وجود تلك الشركات التابعة يحقق أهدافاً ذاتية، ومصالح شخصية لعدد من المسؤولين الذين يأتون على قمة تلك الهيئات، أو الشركات الوطنية.

في عقد الثمانينات، حينما حاول المصرف المركزي رفع نسبة المواطنين في القطاع المصرفي التجاري، وألزم المصارف بتعيين نسبة من المواطنين في إطار توفير فرص عمل لشريحة من العاطلين، ورغبة منه في وجود مواطنين مؤهلين يديرون العمل في مصارفنا في المستقبل، كان أسلوب التحايل الذي اتبعته مصارف تجارية، وفي مقدمتها مصارف وطنية، تمثل في تشغيل عدد من السائقين، والفراشين، والحراس في درجات وظيفية دنيا، وقدمت قوائمها بنسب التوطين إلى المصرف المركزي!

وفيما نجحت دول قريبة منا، وعلى رأسها سلطنة عُمان، في رفع نسبة «التعمين» (أي إحلال العمالة العُمانية) فيها لأكثر من 95٪ في نهاية العقد الماضي، فشلت سياسة المصرف المركزي حتى الآن في أن تصل بنسبة التوظيف إلى أكثر من 30٪!

وفيما نجحت السياسات الحكومية في دول قريبة مجاورة في توطين التوظيف، لاسيما القيادية منها، والوسطى، حتى في القطاع الخاص، فإن السياسات الحكومية في الإمارات، أضحت عاجزة حتى عن توطين الوظائف الدنيا في وزاراتنا ومؤسساتنا! وفيما نسمع عن مطالبات الشارع والإعلام الإماراتيين بأهمية التوطين، ليس من منطلق تقديم رواتب ودفع أجور، وإنما من منطلق حماية وتحصين الاقتصاد والمجتمع، فإننا لا نسمع أي صدى لتلك المطالبات، ما شجع هيئاتنا وشركاتنا الوطنية قبل الأجنبية، على التمرد أو عدم الاكتراث بتلك المطالبات والسياسات، وأسست شركات تابعة لها تخدم أهداف المسؤولين، وتحقق مصالح شريحة من العاملين الأجانب، هروباً من سياسة التوطين، وتملصاً من قرارات حكومية لا تلقى صدى في هيئاتنا وشركاتنا الوطنية.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر