رؤية
العلاقة الاستراتيجية بين الإمارات وروسيا
نجيب الشامسي
شهدت العلاقات الإماراتية الروسية تقارباً كبيراً في الرؤى والمصالح والمواقف السياسية، ما دفع بالطرفين نحو تعزيز علاقاتهما الاستراتيجية، ولاسيما في المسار الاقتصادي، من خلال إبرام عدد من اتفاقات تنشيط التبادل التجاري والاستثماري والسياحي في ما بينهما.
ووصل حجم الاستثمارات الإماراتية في روسيا نحو ثمانية مليارات دولار عام ،2007 فيما وقّعت الإمارات اتفاقية للتعاون التجاري والاقتصادي والفني مع روسيا عام ،1990 كما وقعت وكالة الفضاء الفيدرالية الروسية مع منظمة الإمارات للعلوم والتكنولوجيا ،مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال استخدام الفضاء للأغراض السلمية، فضلاً عن التوجه نحو توقيع اتفاقية منع الازدواج الضريبي بين الطرفين.
إن روسيا بما تمتلكه من ثقل استراتيجي، باعتبارها إحدى الدول العظمى، وأحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، ثم عضويتها في العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، وباعتبارها وريث الاتحاد السوفييتي، وبما لديها من موقع اقتصادي وآخر جيوسياسي متميزين، يمكنها أن تكون شريكاً استراتيجياً للإمارات على الصعد الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، من حيث تزويد روسيا للإمارات بالتكنولوجيا في مجال الصناعات المتوسطة والكبيرة الحجم، أو نقل التكنولوجيا والخبرات والمعلومات في مجال الفضاء والاتصالات والمصارف أو حتى الصناعات البتروكيماوية، أو في مجال الطاقة الذرية والطاقة الشمسية، أو مشروعات البنية التحتية لمشروعات تحلية مياه البحر والكهرباء والسكك الحديدية والبناء والتشييد.
من ناحية أخرى، فإن روسيا يمكن أن تستفيد من مميزات اقتصاد الإمارات الذي يتسم بالانفتاح الاقتصادي والتجاري على دول العالم، ووجود بيئة استثمارية مشجعة لرؤوس الأموال والشركات الروسية، ثم إن الصناعات الروسية ستجد طلباً مشجعاً في سوق الإمارات حيث النزعة الاستهلاكية والقوة الشرائية، هذا فضلاً عن التسهيلات والمزايا التجارية والصناعية وغياب الضرائب وحرية التحويلات، التي يمكنها جميعاً أن تجعل الإمارات سوقاً رائجة للاستثمارات والصناعات الروسية، ومركزاً لاستيراد وتصدير السلع والبضائع الروسية إلى مختلف دول الشرق الأوسط وإفريقيا.
ويمكن للتعاون بين الجانبين أن يترجم من خلال تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الإماراتية إلى السوق الروسية أو الاقتصاد الروسي لتمويل مشروعات استثمارية، وتُمكن إقامة مشروعات صناعية واستثمارية تنتج سلعاً ومنتجات استهلاكية وزراعية لمصلحة اقتصاد الإمارات، وهذا التدفق لرؤوس الأموال والاستثمارات الإماراتية سيوجد للدولة حضوراً اقتصادياً متميزاً، وتأثيراً سياسياً ملموساً، يمكنها أن تستفيد منه في خدمة أهدافها الاستراتيجية.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .