رؤية

مصارفنا الإسلامية وعقلية الإدارة!

نجيب الشامسي

مثلما يفترض أن تكون أهداف المصارف الإسلامية مختلفة عن أهداف نظيرتها التجارية، فإن آليات العمل فيها يجب أن تكون متسقة ومنسجمة مع تلك الأهداف. وإذا كانت مصارفنا الإسلامية جاءت لتحقق حزمة من الأهداف التي تخدم من خلالها شريحة من أبناء المجتمع لا ترغب في الوقوع في شرك الشك، وأعمال المصارف التجارية الأخرى، فإن من الواضح أن مصارفنا الإسلامية، وعلى الرغم من أهدافها المعلنة، التي تعمل على تسويقها من خلال شركات إعلانية، لا تختلف في طبيعة إداراتها للأموال، أو الاستثمار الإسلامي، أو تقديم التسهيلات للغير، عن بقية المصارف التجارية الأخرى، لأنها احتضنت عدداً من الخبرات الإدارية والفنية، التي انتقلت إليها من مصارف تجارية، لدوافع لا تمت بصلة إلى البعد الديني، وإنما بسبب الإغراءات المالية التي قدمتها لهم المصارف الإسلامية!

إن انتقال تلك العقول والخبرات إلى مصارفنا الإسلامية أدى إلى انتقال فكر إداري وفني من مصارف (ربوية) إلى مصارف إسلامية، وبالتالي أصبحت مصارفنا الإسلامية تدار بالعقلية نفسها، بل بمنهجية العمل نفسها المعمول بها في مصارف تجارية أخرى، لاسيما حينما يتأكد لنا أن رغبة المصارف الإسلامية في نقل تلك الخبرات إليها، جاءت من منطلق تحقيق مزيد من الأرباح، واقتناص العديد من الفرص، ومنافسة المصارف التجارية في نوعية وحجم المنتجات والخدمات المصرفية المقدمة لسوق المال والأعمال والتجارة في الإمارات، وهذا الاندفاع نحو تحقيق هذا الهدف، أدى إلى تغييب المصارف الإسلامية المبادئ والأهداف والأسس التي قامت عليها ووجدت من أجلها.

لقد وضع المشرّع للمصارف الإسلامية جملة من الأهداف، تستند بالأساس إلى مبادئ الدين الإسلامي (القرآن والسنّة)، إلا أن المشرع الذي انتهت مسؤوليته عند وضع التشريع، فوجئ بتجاوزات للمبادئ تلك، خصوصاً بعد أن أحكمت عقلية وخبرة أولئك المنتقلين إلى المصارف الإسلامية على طبيعة أعمالها التي أضحت لا تختلف في كثير من الأحيان عن طبيعة أعمال المصارف التجارية، ومما عزز هذا التوجه، رغبة مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية في المصارف في تضخيم الأرباح وتحقيق المنافسة، ثم عدم قدرة أو رغبة الخبرات المنتقلة في استيعاب أهداف المصارف الإسلامية وطبيعة عملها، وفقاً لما نص عليه تشريع إنشائها، حيث التباين الواضح بين آليات العمل في المصارف، لاسيما ما يتعلق بالاستثمار الإسلامي، وما نصّ عليه تشريع التأسيس.

 

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر