رؤية

الاستثمارات الوطنية الخاصة.. إلى أين؟

نجيب الشامسي

إن من إيجابيات الأزمة المالية العالمية في عام ،2008 أنها حملت في طّياتها دروساً جمّة، ومنها درس مفيد لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الإماراتيين، الذين يستثمرون أموالهم في اقتصادات وأسواق أجنبية، ومنها الأسواق المالية في دول صانعة للأزمة العالمية ذاتها، وقد تكبدوا خسائر كبيرة.

كما أن الأزمة كشفت حقيقة حجم الاستثمارات الإماراتية الخاصة، ولعل السؤال هنا حول ماهية الدوافع والأسباب التي تجعلنا نصّدر رؤوس أموالنا إلى اقتصادات أكدت كل المؤشرات أن أوضاعها الاقتصادية والمالية غير مستقرة، ويحدث هذا في وقت نسعى فيه جاهدين: حكومة اتحادية وحكومات محلية، إلى تسويق الفرص الاستثمارية، وإعطاء تسهيلات ومزايا لجذب رؤوس أموال واستثمارات أجنبية.

كما يحدث هذا، في وقت تحقق فيه الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية في دولتنا عائدات جيدة، وتتحرك في ظل بيئة استثمارية تتسم بالاستقرار بفضل التشريعات والقوانين الضامنة لها، والمناخات الاستثمارية التي تعزز من وجود الاستثمارات الأجنبية، فهل يخشى المستثمرون الإماراتيون الاستثمار في وطنهم؟ أم أن هناك غياباً للفرص الاستثمارية؟ أم هو عدم الإيمان بأهمية الاستثمار في محيط الاقتصاد الوطني؟ أم أن هناك منافسة أجنبية للاستثمارات الوطنية فوتت الفرصة على الاستثمارات الوطنية؟ أم أن السبب يكمن في الخشية من انكشاف حجم الاستثمارات الخاصة التي تملكها شريحة من أبناء الوطن، ما يدفعهم إلى تحويلها إلى الخارج على الرغم من حاجة الاقتصاد إليها، وتآكلها أو تعرضها للمصادرة أو الخسارة، كما حدث في ظل الأزمة العالمية عام 2008؟

إذا كانت البيئة الاستثمارية في الإمارات مشجعة، ومحفزة، ومستقرة، وتحقق عائداً جيداً للمستثمرين، فلماذا هذا التدفق المستمر لرؤوس الأموال الوطنية؟ ولماذا هذا النزيف للسيولة والاستثمارات الوطنية لتخدم أهداف التنمية والاقتصاد في دول أجنبية؟ وأين المسؤولية الوطنية من قبل أولئك المستثمرين تجاه وطنهم واقتصادهم الوطني؟

إن ما يحدث في اقتصادنا منذ سنوات، من تحويلات وتدفق، يذكرنا بموقف مستثمرين وأصحاب رؤوس أموال عملوا على «تهريب» تدفق رؤوس أموالهم إلى مختلف مصارف وأسواق العالم، إثر الغزو العراقي للكويت عام ،1990 وما ترتب عليه من اهتزاز في الأوضاع الأمنية والاقتصادية، إذ تخلى بعض أصحاب رؤوس الأموال، عن مسؤولياتهم الوطنية، وتسببوا في مضاعفات شديدة في أوضاع المصارف التجارية، حينما تم سحب حجم كبير من السيولة وتصديره إلى الخارج، وتم كسر ودائعهم وتحويلها إلى مصارف أجنبية، سواء داخل الدولة أو خارجها، وحينما أسهم بعض المستثمرين في ضغط شديد على درهم الإمارات، حينما عمل هذا البعض على بيع الدرهم وشراء عملات أجنبية، فأين مسؤولية المستثمر الإماراتي؟!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر