5 دقائق

عندما تفسد الرياضة

حمدان الشاعر

على الرغم من كل هذا التجييش الإعلامي غير المتوازن، لمناصرة بن همام على جوزيف بلاتر في معركة انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإنه لا يمكن بحال أن أنساق وراء حملة ساذجة تغيب فيها الحقيقة ويُتلاعب فيها بالعواطف، ويتم فيها الزج بشعارات شعبوية تجعل من العرب ضحية ومن الغرب جلادين.

وهذا في الواقع ما حاول إعلامنا العربي تصويره، فبخلاف الإنجليز الموتورين وبعض العرب المتوجسين، فإن كثيراً من دول العالم وكثيراً من العرب يرون في بلاتر قائداً جديراً بالانتخاب لسنوات أربع مقبلة، وهذا ما حصل بالفعل الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم مما يتداول من فضائح رشى وفساد، وهي كثيرة، ولا يمكن التغاضي عنها، فإنه يحسب لهذه المؤسسة (الفيفا)، أنها تجسد وتدافع عن الديمقراطية، وتنشد الشفافية، وتنادي بالقيم والأخلاق، وتؤسس لنظام يراعي الحقوق والمسؤوليات، ولئن كانت بعض الذمم قد تم شراؤها، فقد تم ذلك من قبل دول وأنظمة وشركات سعت إلى إفساد الآخرين، في سبيل اقتناص بطولة أو اكتساب حقوق رعاية أو استضافة مسابقة.

وبدلاً من الخوض في فساد الرياضة العالمية، يجدر الحديث عن إصلاح الوضع الراهن لدينا، فبعد أن تحولت كرة القدم من الهواية إلى الاحتراف، زادت الأعباء المالية على الحكومة بصورة غير مفهومة، وفي ظل غياب حوكمة مؤسسية وإدارة مالية منضبطة، تسلل الفساد إلى مفاصل الجسد الرياضي كله، فهناك صفقات فاشلة وعمولات سمسرة ومعسكرات خارجية غير مجدية، ناهيك عن خدمات لوجستية ومصروفات إدارية غير مبررة، كل هذا يشجع على الفساد في ظل الجهل بالقوانين وسوء إدارة الموارد المتاحة، أضف إلى ذلك الفساد الأخلاقي الذي لا نعرف عنه إلا من خلال صحفنا الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي تنشره بتفاصيل مقززة، وعلى الرغم من هذا نحاول التستر عليه مع أن قصص التهتك الأخلاقي كثيرة وتتداولها المجالس، ويخبرنا بها العارفون ببواطن الأمور، وإلا بماذا نفسر غياب أبناء أعضاء مجالس إدارات الأندية عنها في مراحلها السنية المختلفة!

إذا لم نستطع أن نجعل من أنديتنا بيئة آمنة جاذبة، فإننا لن نحرز أي تقدم على أي مستوى بل سيكون انحداراً مؤسفاً، فالتطهير مطلوب الآن وبشدة لعودة هذه المؤسسات إلى مسارها الطبيعي ودورها الذي يتماشى مع أهداف الرياضة في المجتمع. الأمر ليس سهلاً، فالفساد مرض لابد من اقتلاع جذوره من أعماقها وتطهير الأرض بعده، وكفى بعد كل هذه السنوات من اللا إنجاز، وهذا الفشل المروع في إدارة اللعبة، أن يستمر الوضع على حاله، وإذا كانت الـ« فيف ا» مقبلة على طور إصلاحي يعزز صدقيتها، فالأحرى بنا كذلك إيقاف كل هذا الهدر الأخلاقي والمالي والتنظيمي، إما عبر إخراج الأندية من عباءة الحكومة وتركها تدير نفسها بمواردها الذاتية، أو إبقائها مؤسسات تربوية ثقافية اجتماعية تحت مظلة الحكومة، تعزز فيها القيم، وتبنى فيها الرياضة والأخلاق على السواء.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر