رؤية

كيف نستفيد من النموذج الصيني للتنمية؟

نجيب الشامسي

إن رغبة الإمارات في تخطي الحواجز والعراقيل، وتحقيق اندماجها في الاقتصاد العالمي، ثم رغبتها في ترجمة استراتيجيتها في التعاطي مع دول وتكتلات اقتصادية في العالم، ورغبتها في وجود شركاء غير تقليديين، بعد أن كان الاعتماد شبه كلي على دول غرب أوروبا، والولايات المتحدة في توفير متطلبات التنمية، وبعد أن تأكد لها أن هذه الأطراف هي صانعة للأزمات الاقتصادية المصدرة لها، تستوجب سعياً منها إلى تعزيز علاقاتها الاستراتيجية، لاسيما الاقتصادية منها، مع شركاء يحققون الاستقرار في أوضاعها الاقتصادية والمالية والتنمية، وفي مقدمتهم جمهورية الصين الشعبية التي تنعم باستقرار اقتصادي، وتحقيق معدلات نمو عالية، وأصبح اقتصادها من أكبر الاقتصادات في العالم، بل أصبح مرشحاً لأن يكون الاقتصاد الأكبر، ويتبوأ المرتبة الأولى عالمياً خلال الألفية الثالثة.

يمكن للإمارات أن تعتمد على الصين في تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية في ظل نموذجها التنموي الذي عرف بـ «النموذج الصيني»، ويكون ذلك عندما تتمكن الدولة من الدخول في مفاوضات متكافئة وجادة مع الصين، فهذه الأخيرة تسعى جاهدة إلى تعزيز نموذجها التنموي، وتحقيق معدلات نمو عالية، وتسعى إلى أن تتبوأ موقع الصدارة ضمن الاقتصادات العالمية.

وتلك الأهداف لا تتحقق إلا بتعزيز شراكاتها الاقتصادية، والاستثمارية، والتجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومنها الإمارات، التي تملك جزءاً مهماً من مصادر الطاقة التي يحتاج إليها الاقتصاد الصيني. والشركات الصينية تبحث عن فرص استثمارية لممارسة نشاطاتها في اقتصادات المنطقة، ومنها الإمارات، وهي في حاجة إلى سيولة لتفعيل شركاتها، وتوفير فرص لسكانها الذين تجاوز عددهم 1.3 مليار نسمة، كما أنها تحتاج إلى سوق تجارية لترويج سلعها وبضائعها وخدماتها، وكذلك قوى العمل الوطنية فيها، ولن تجد أفضل من سوق الإمارات، إذ يسجل ميزانها التجاري فائضاً بلغ حجمه عام 2008 نحو 2.122 مليار دولار، ما يؤكد أهمية الإمارات بالنسبة للصين.

وفي ضوء هذه الأهمية، فإنه يمكن للإمارات أن تبني علاقة استراتيجية مع الصين، تتضمن قيام الأخيرة بمساعدة الإمارات في تحقيق استراتيجيتها التنموية، من خلال تقديم خبرتها، بصفتها تجربة إصلاحية لتحقيق إصلاحات هيكلية في اقتصادات الإمارات، من شأنها النهوض بالاقتصاد والتنمية الشاملة، على غرار ما فعلته اليابان مع الصين، وما فعلته الصين مع الهند.

إن تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والصين، يجب أن يُبنى على مقومات ومصالح استراتيجية متكافئة بين الطرفين، وهذا يعتمد على قدرة المفاوض الإماراتي على تحقيق هذه المصالح، في ضوء القراءة الدقيقة لاقتصادات الصين، واستراتيجياتها، وقدرة مفاوضيها الصعبين؟

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر