رؤية

دول «التعاون» ودعم الإصلاحات الاقتصادية العربية

نجيب الشامسي

لقد قدمت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مختلف أشكال الدعم المادي والمالي واللوجستي إلى الدول العربية، لتحقيق التنمية الشاملة فيها. وتجسد هذا الدعم من خلال مساعدات مالية مباشرة للحكومات بقصد تحويلها إلى برامج تنموية، ثم في هيئة مشروعات تنموية اقتصادية وإسكانية، ثم الترحيب بأعداد من مواطني تلك الدول للعمل في مؤسسات وشركات ودوائر دول المجلس، للتخفيف من ضغوط البطالة وتداعياتها وانعكاساتها على الدول المصدرة للعمالة، لتصبح تحويلات العاملين من تلك الدول عاملاً مساعداً ومسانداً للتنمية والمجتمع في الدول المتلقية هذه السيولة.

ولكن، على الرغم من أن تقديم حكومات دول المجلس الدعم المادي والمالي المباشرين، جاء من منطلق الواجب القومي، وبقصد دعم مشروعات التنمية، والإسهام في إنشاء الاستقرار في تلك الدول، فإن الانفجار الذي حدث مع بداية العام الجاري في عدد من الدول العربية، يستدعي التوقف، ومراجعة طريقة تقديم دولنا تلك المساعدات المباشرة، إذ إن معظم تلك المساعدات لا تذهب إلى أصحابها، أو تحقق هدف دول المجلس منها، بل تحول إلى حسابات خاصة، وفي دول أجنبية، كشفتها الثورات التي حدثت في بعض الدول العربية، التي أكدت مدى ضخامة أرصدة بعض القيادات العربية في مصارف أجنبية، وجزء منها بالطبع كان مساعدات مقدمة من قبل دولنا تم تجييرها لمصلحة تلك القيادات ومن يدور في فلكها، بعد أن صار إلى اقتسامها وفقاً لحصة كل منهم!

إن حكوماتنا الخليجية ستراجع طريقة تقديم هذه المساعدات، للتأكد من وصولها إلى أصحابها، وتصب في قنواتها الطبيعية لا في حسابات شخصية.

واليوم، وفي ظل الزلزال الشعبي الذي حدث في دول عربية، فإن دول مجلس التعاون التي لم تتوان في تقديم كل الدعم والمساعدة دون إملاءات أو أجندة خفية، وبقصد مساعدة الشعوب العربية، مطالبة بمراجعة آليات المساعدات، وفي الوقت ذاته تقديم مساعدات تنموية من خلال مشروعات تستهدف القاعدة الشعبية في الدول المتلقية لتلك المساعدات، ثم تحفيز القطاع الخاص الخليجي نحو الاستثمار في مشروعات تنموية في الدول العربية التي تحتاج إلى استثمارات ورؤوس أموال، في ضوء قدرة الدول المتلقية للاستثمار على تصحيح بيئتها الاستثمارية، ومعالجة أوضاعها الاقتصادية، من خلال حزمة من السياسات والإصلاحات الاقتصادية، والقوانين، والتشريعات المحفزة للاستثمارات العربية.

لـقد كـان لدول المجلس مبادرات كبيرة من خلال تنظيم مؤتمرات دولية للدول المانحة الـعربية والأجـنبية، في حـشد رؤوس أمـوال واسـتثمارات عربية وأجنبـية حكـومية وخاصة، ثم من خلال تحفيز صناديق التنمية الوطنية منها أو الإقليمية، لدعم مشروعات التنمية والإصلاحات الاقتصادية في عدد من الدول العربية، ولكن الصدمة كانت كبيرة لدول المجلس والصناديق التابعة لها، حينما تتعطل أهدافها، وتصطدم ببيئة قانونية وتشريعية واقتصادية محفوفة بالكثير من التجاوزات والانحرافات، وصور الفساد الحكومي، الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع، واحتقان الشارع، وبالتالي، فإن حدوث الانفجار كان مؤكداً!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر