رؤية

الشعب يريد إسقاط النظام!

نجيب الشامسي

شعار رفعته الجماهير الثائرة في كل من تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وهتفت به حناجر تلك الجماهير كثيراً، ورددته ألسنة الكبار وحفظته، ثم رددته ألسنة الصغار، وحفظته الجماهير العربية، بمن فيها الصغار والأطفال، بسبب ما تسمعه أو تشاهده في نشرات الأخبار والأحداث التي تنقلها لنا الفضائيات، فما حقيقة هذا الشعار؟ أي شعب هو الذي يريد إسقاط النظام؟ هل هو الشعب الجائع في تلك الدول والعديد من الدول العربية؟ هل هو الشعب العاطل الباحث عن فرصة عمل، يسد بها رمقه، ويضمن بها مستقبل أبنائه، ويصون بها كرامته، بعد تفاقم معدلات البطالة في وطن الثروات، لتصل إلى أرقام مخيفة، تجاوزت نصف سكان بعض الدول؟ هل هو شعب الدولة الواحدة.. أم مجموعة الدول؟

هل المقصود بالشعب هنا الشعب الذي يبحث عن حقوقه الدستورية، بما فيها حق المشاركة السياسية، وحق تقرير المصير، وحق العيش الكريم؟ أو الذي تم إنهاء خدمته وفصله من عمله ظلماً وزوراً، أو زيارة زوار الفجر لمساءلته بسبب مطالبته بحقوقه المشروعة؟

هل يمكننا أن نتهم الشعب الثائر الذي خرج بكل أطيافه وطبقاته من مدنه وقراه ليعبر عن مطالبه المشروعة هذه بأنه شعب لا يعرف مصالحه، وبأنه شعب متطرف، وضد استقرار وأمن الوطن ومكتسباته، وأن هناك أطرافاً خارجية لها أجندتها الخفية تحرك وتجند كل تلك الأمواج الثائرة التي ما كان لها أن تخرج إلا بعد تفاقم الغبن والظلم والاضطهاد والفقر والجوع والبطالة والتهميش والتطفيش؟

ما النظام الذي يريد ذلك الشعب أن يسقطه؟ هل هو النظام الإداري والمالي الذي كان يجسد كل صور الفساد، ويجيّر كل الفرص ومكاسب الوطن لفئات مختارة من أبناء الوطن؟ هل النظام المراد إسقاطه هو النظام الاقتصادي بكل تشريعاته وقوانينه وأنظمته وخططه، والذي مهد لسرقة المال العام، وتجيير كل الفرص الاستثمارية والوظيفية لمصلحة أطراف معينة، هم أفراد النظام السياسي ومن يدورون في فلكهم، والموالون لهم لتأتي تلك الثورات وتفضحهم وتحولهم من أصحاب نفوذ اقتصادي وأصحاب ممالك تجارية وأصحاب مناصب رفيعة، تم استغلالها لتعظيم مكاسبهم غير المشروعة إلى فئران تبحث عن أي جحر تختفي فيه، خشية خيوط الشمس التي تلاحقهم أينما ذهبوا لتفضحهم وتتحول إلى قضبان حديدية تقيد حرياتهم، أو حبال خشنة تهدد أعناقهم!

ما النظام الذي خرجت الجماهير للمطالبة بإسقاطه؟ هل هو النظام التعليمي المشوه الذي أفرزته عقول عقيمة، وخططت له نفوس مريضة، أم نظام صحي يمثل سجلاً متضخماً بعدد الوفيات الذين هم ضحية تردي الخدمات الصحية، وعدم الحصول حتى على الدواء الذي يجعلهم على قيد الحياة؟

خرجت الجماهير لإسقاط كل تلك الأنظمة، بعد أن تأكد لها فسادها وتجاوزاتها وجرائمها في حق الإنسان والوطن والتاريخ، ولكن حينما وصلت إلى مبتغاها وأدركت أن فساد تلك الأنظمة مرجعه إلى فساد النظام السياسي القائم، رفعت من سقف مطالبها، لتصل إلى إسقاط النظام السياسي الفاسد ومحاكمته!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر