5 دقائق

فساد وسلطة

حمدان الشاعر

حادثتان كان لهما نصيب الأسد في الأخبار الغربية أخيراً، فهذا رئيس صندوق النقد الدولي، دومينيك ستراوس كان، يحاول الاعتداء على عاملة نظافة في فندق، وهذا الممثل وحاكم كاليفورنيا السابق، أرنولد شوارزنيغر، يعترف بإنجابه طفلاً من خادمته.

الإشكالية التي تفرض نفسها في هاتين الحادثتين هي مقدار ارتباط السلطة بالفساد على أشكاله كافة، من مالي وأخلاقي ووظيفي، والعلاقة التبادلية بينهما، التي تكاد تتكرر بوتيرة تتعاظم يوماً بعد آخر.

ثمة قناعة بأن ليس للفساد ملة أو معيار أو حتى لغة أو دين، فكثيرون يغيب عنهم، وهم على رأس سلطة ما، أنهم قد يسقطون في شرك لم يحسبوا له حساباً، فيتحول الفساد لديهم إلى ديدن أو حق مشروع، أو أن يتلبس أحدهم وجاهة المنصب وغرور السلطة، ليتحولا إلى ممارسة خادعة لإثبات الوجود وإبراز الذات، أو أن تأتيه الدنيا فيقف ضعيفاً حائراً ألا ينهل منها كما نهل سابقوه، وهكذا، فكأن السلوك الخطأ ومخالفة القانون والأعراف أمران تجيزهما شهرة المنصب ونفوذ السلطة.

لا يخلو العالم من قصص فساد متنوعة، لكن هناك من الفساد ما يعود ضرره على صاحبه فقط، لكن فساد المنصب أمر آخر، فقد يدفع ضريبته شعب لا حول له ولا قوة، ففي الوقت الذي تراكمت فيه ثروات زعماء وقادة فاسدين، تراكمت أيضاً ملايين عدة من العاطلين عن العمل، وملايين من الفقراء وذوي الحاجة، ناهيك عن ملايين من المرضى والجهلة.

وعندما تطلب الثورات تطبيق القانون، فإنما هي تصرخ، في المقام الأول، في وجه الفساد والمتسلطين، لاجتثاث كل عصابة حولت الشعب إلى مطية، والأرض إلى مزرعة خاصة، فهذا القانون هو الذي حاصر رئيس صندوق النقد الدولي وجره مكبلاً بالأصفاد في فضيحة مدوية اهتزت لها فرنسا وأسواق المال العالمية، وهو أيضاً ما سيحقق للعاملة الفقيرة عدالة ما كانت لتحلم بها لو كانت في واحدة من دول العالم الثالث التي يركع زعماؤها لرئيس الصندوق استجداء لقرض أو منحة.

عندما تفسد السلطة يتسلط الفساد، ويعدو وحشاً كاسراً لا يردعه شيء من قيم أو قانون، فمادام هناك قانون يحترم ويطبق بشفافية وسواسية، فهو ضمان لاستدامة الحياة ونزاهة العيش، فالقانون آت لتطبيق عدالة سماوية في الاقتصاص من كل فاسد آثر المهانة على الشرف والنزاهة.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر