رؤية

أمة متقاعدة!

نجيب الشامسي

لقد هرمت أنظمة سياسية لدول عربية، ومعها أنظمة اقتصادية وإدارية وتعليمية، وهرمت بسببها أجيال تلتها أجيال أخرى، بفعل ما أصابها من وهن وضعف وخلل وتشتت وتشرذم! تلك أنظمة سياسية لا تؤمن بأن هناك تقاعداً أو تاريخ صلاحية إلا على من يخالفها، أو حتى يناطحها، أو يناصحها.. هذه أنظمة سياسية أصابتها الشيخوخة، وهي لاتزال جاثمة على صدور شعوبها، تنهش في أحشاء الوطن من خلال أنظمة إدارية واقتصادية ومالية ورقابية بالية، هي أدواتهـا وآلياتهـا في نهب خيرات الشعوب، ومحاصرة العقول، ومصادرة الحقوق، وكانت سبباً مباشراً في التخلف الاقتصادي، وتفاقم الأوضاع المعيشية، وتراجع معدلات التنمية البشرية.

وهـا نحن أبنـاء العروبـة من شـرق الوطن وغربه، من شماله وجنوبه، هرمنا.. هرمنا ونحن ننتظر هذه اللحظة التاريخية التي شهدنا من خلالها انتفاضة شعبية حقيقية ليست مدبرة من الداخل، وليست مستوردة من الخارج، هذه انتفاضة شبابية عفوية أعادت لنا الروح في ميلاد جديد لوطن عربي كنا نعتقد، حتى قبل هذه اللحظة، أنه هرم وهرم الشعب العربي معه!

ها هي اللحظة التاريخية التي كان الشعب العربي ينتظرها تؤكد أن العرب الذين واجهوا المستعمر الأجنبي بإيمانهم وأرواحهم، قادرون على مواجهة قادة تحالفوا مع المستعمر، وينفذون أجندته من خلال سياسات وآليات أضحت واضحة للعيان.

لقد تعرضت أمتنا العربية لمختلف أشكال التشويه، ولمختلف أصناف التجهيل والتغريب، وعملت بعض الأنظمة العربية على عزل المواطن عن القيام بدوره وترجمة انتمائه، والمساهمة في النهوض بوطنه، وتحقيق مشروعه الحضاري والتنموي والنهضوي، الأمر الذي أدى معه إلى إصابة هذه الأمة بوهن وضعف، وخالجنا نحن أبناء الأمة شعور بالهرم واليأس.

ها هي اللحظة التاريخية التي انتظرها المواطن العربي، الذي كان تواقاً لها منذ زمن، أعادت له الأمل في وطن العزة والفخر، فلم يكن الشعب العربي موحداً كما هو في هذه اللحظة، ولم يكن الشعب العربي مؤمناً بالتغيير وتحقيق النهضة كما الحال في هذه اللحظة التاريخية، الصغير قبل الكبير، النساء قبل الرجال متسمرون أمام شاشات القنوات الفضائية العربية منها والأجنبية، يستشّفون الحقيقة الضالة، يشاطرون إخوانهم في غير بلد عربي على مختلف أطباعهم وانتماءاتهم ودياناتهم ومشاربهم، ينشدون التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة بين أبناء الوطن الواحد من دون تمييز أو تفريق، وأنني على ثقة بأن الأمة قادرة على استعادة كرامتها واحترام العالم لها بما فيه المستعمر الأجنبي السابق وأصحاب الأجندات الخفية!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر