رؤية

من يدفع فاتورة (تحرير) ليبيا ؟!

نجيب الشامسي

إذا أردنا أن نعرف ما سيحدث في ليبيا بعد « التحرير »، فإنه يجب أن نعرف ما حدث للعراق بعد « التحرير »! هناك أجندة غربية واستراتيجية أميركية أوروبية تتضمن توزيع الأدوار والمنافع والمصالح بين هذه الأطراف في منطقتنا العربية، ووفق برنامج زمني محدد يبلغ 10 سنوات، إذ إن العرب على موعد مع أزمة جديدة كل 10 سنوات، مصطنعة يخلقها الغرب، يضمنون من خلالها تدفق النفط ورؤوس الأموال العربية إلى اقتصاداتهم الوثيرة، ويجدون فيها فرصة لتجريب أسلحتهم الحديثة، وتسويق وبيع أسلحة « خردة » لدولنا العربية، ثم تسلم قيمة باهظة لفاتورة « التحرير » يتفقون على قيمتها ونصيب كل طرف فيها، ثم يخصمونها سلفاً من ودائع وأرصدة الدول أو الأنظمة الفاسدة، وتدفع دول أخرى مساهمتها فيها من منطلق استعدادها للمشاركة في عملية « التحرير ».

هكذا فعلت دول غربية بقيادة الولايات المتحدة عندما تدخلت في عملية تحرير الكويت من جريمة النظام العراقي السابق، ودفعت دول الخليج فاتورة « التحرير »، وقبل ذلك دفعت دول الخليج فاتورة باهظة في حرب الاستنزاف « العراقية ـ الإيرانية »، التي استمرت عقداً من الزمن، وهكذا دفع العراق وشعبه فاتورة باهظة، ومازال يدفع ثمناً في تحريره من النظام العراقي السابق، ومن المستعمر الأميركي الحالي، وذلك من نفطه وأموال شعبه.

اليوم، وبعد 10 سنوات تقريباً يدفع الشعب الليبي وعدد من الدول العربية التي دخلت شريكة في « تحرير » ليبيا وشعبها من نظام القذافي هذا الثمن، وهنا نجد توزيع الأدوار واقتسام الغنائم بين الولايات المتحدة التي استأثرت بالعراق وثرواته ونفطه، ومجموعة الدول الأوروبية « حلف الناتو » التي ارتضت بليبيا ذات الثروات النفطية الهائلة، والسيولة المالية الضخمة، فحددت الكلفة سلفاً بموجب فاتورة ضخمة تدفعها ليبيا وعدد من الدول العربية!

ووزعت الأدوار واقتسمت الغنائم، لاسيما من ودائع العقيد القذافي وأنجالـه وأموال ليبيـا واستثماراتها في الدول الشريكة في « الغزو العسكري »! بعد أن أعلنت الطلاق من طرف واحد مع نظام القذافي، وما كان لهذه الدول أن تتحرك إلا بعد أن أيقنت بحجم الأرصدة النقدية وضخامة الاحتياطات النفطية، وها هي تعمل على إطالة أمد الحرب، إذ إن الكلفة تحسب يومياً والعداد في ازدياد، خصوصاً أن دول « الناتو » تسعى إلى الشفاء من تداعيات أزمة مالية صعبة، وترغب في تحريك مصانع السلاح التي ستبيع إنتاجها إلى دول عربية، خصوصاً النفطية منها، مع إعادة تأهيل الجيش الليبي الذي أجهزت على ترسانته، بقصد وتعمد، لتضخيم فاتورة الحرب، ويحدث هذا في ظل عجز غريب لدولنا العربية وجامعتها عن حماية الشعوب العربية، يا ترى من الدولة المرشحة بعد 10 سنوات لدفع فاتورة « تحريرها » ؟!

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر