رؤية

أسباب ظاهرة الاتجار في البشر!

نجيب الشامسي

يعرّف «بروتوكول» الأمم المتحدة في شأن الاتجار في البشر، الذي وقعت عليه 105 دول، من ضمنها عدد من الدول العربية، بأنه «تجنيد أو نقل أو تحويل أو استلاب الأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي نوع من أنواع الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استخدام القوة، أو استغلال موقف ضعيف، أو إعطاء أو تلقي دفعات أو فوائد للحصول على موافقة شخص يتمتع بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال، ويشتمل الاستغلال في حده الأدنى على استغلال الآخرين في الدعارة أو الأشكال الأخرى، من الاستغلال الجنسي أو العمالة أو الخدمة القسرية أو العبودية أو ممارسات مشابهة للعبودية أو العمل بالإكراه أو نقل الأعضاء».

ويشير تقرير لمنظمة العمل الدولية إلى أن الأرباح المتحققة من وراء استغلال النساء والأطفال جنسياً في العالم قد بلغت 28 مليار دولار. فيما بلغت الأرباح المتحققة من جراء إكراه البشر على أعمال جبرية 32 مليار دولار، وبلغت نسبة النساء والأطفال منها نحو 98٪، فيما تشير أرقام المنظمة الدولية هذه إلى أن أعداد ضحايا الاتجار في البشر لأغراض العمل جبراً نحو 12.3 مليون نسمة.

في ضوء تلك الأرقام أصبحت ظاهرة الاتجار في البشر تمثل جريمة عالمية منظمة، وأضحت تجارة رائجة وواسعة، وتمارسها وتدعمها وتخطط لها عصابات دولية، تجد دعماً من بعض الحكومات الفاسدة، وتعتمد في ممارستها على مهربين دوليين ومحترفين، ولهذه الظاهرة أسبابها ودوافعها، أولها: الانفتاح الاقتصادي والتجاري الذي تشهده المجتمعات والاقتصاديات الصغيرة، لاسيما المجتمعات الفقيرة. ثانيها: غياب القوانين واستغلال الأطفال في التسول والسرقة وممارسة الرذيلة. وثالثها: تدهور القيم الأخلاقية والاجتماعية، وضعف الوازع الديني لدى شرائح من المجتمع، سواء المستغلين في هذه الجريمة أو المخططين والممارسين لها. ورابعها: التدهور المعيشي لدى شرائح من المجتمع، ومعاناتها الفقر والعوز والحاجة، وتراجع الدخل وضعف القوة الشرائية لديها قد دفعت هذه الشرائح إلى المتاجرة بأغلى ما لديها وهي أجسـادها، والتخلي عن قيمها. أما السبب الخامس فهو: غياب الوعي لدى أفراد المجتمع بتداعيات ومخاطر هذه الجريمة، إذ كان لغياب الدور الإعلامي أثر كبـير في تغييب أفراد المجتمع، ولعل أهم تلك الأسباب هو الفساد الحكومي الذي كان سبباً مباشراً في الفقر، وتفاقم معدلات الجرائم، والتباين الصارخ في مستويات الدخل، ومما فاقم من تلك الأوضاع تداعيات الأزمة المالية العالمية التي عصفت بما تبقى من أخلاقيات، وفاقمت من أعداد المتاجرين من البشر والعارضين لممارسة هذه التجارة، غير عابئين بالثمن المخيف الذي يدفعونه، بما في ذلك الإيذاء الجسدي والنفسي والأخلاقي، ونبذهم من المجتمع، ومن عائلاتهم، وإصابتهم بأمراض خطرة ومخيفة.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

 

تويتر