رؤية

المصارف التجارية والدورالتنموي المنشود

نجيب الشامسي

تمثل المصارف التجارية في مختلف دول العالم أوعية استثمارية وتنموية من خلال تقديم قروض شخصية وتجارية واستثمارية، بموجب سياسة ائتمانية تحددها السلطة النقدية، ووفق سياسة تنموية تضعها وتخطط لها الجهات الحكومية.

وإذا كانت بعض المصارف الأجنبية والوطنية العاملة في الدولة أسهمت في مشروعات التنمية قبل قيام الدولة، خصوصاً مع مراحل التأسيس الأولى، فإن هذه المصارف استفادت كثيراً مع الطفرة النفطية، وحركة الإنفاق الحكومي الطموحة التي وضعتها الدولة في مراحل التأسيس الأولى.

ولم تعمد تلك المصارف إلى انتقاء مشروعات التمويل، على الرغم من الأزمات التي تعرضت لها، والأخطاء التي وقعت فيها خلال عقدي السبعينات والثمانينات، وتمادت في تقديم قروضها الشخصية، وتمويل مشروعات لا جدوى لها، وظلت الحكومات المحلية التي ترعرعت تلك المصارف في أحضانها، الراعي الأول والداعم لأكثر من أربعة عقود، خصوصاً مع توسعها في عدد الفروع، أو سياساتها الائتمانية والاقراضية المحفوفة دوماً بالمخاطر.

فإلى متى ستظل هذه المصارف ترضع من صدر الدولة، ومتى يحين وقت فطامها؟! وإلى متى ستظل تعتمد على رعاية الدولة سواء في الدعم المباشر أو غير المباشر من حيث الودائع التي عضّدت ولاتزال من مالية هذه المصارف، أو من حيث عمليات الإنقاذ التي تقوم بها الحكومات المحلية والمصرف المركزي عند تعرضها لشح في سيولتها، أو أزمة في ماليتها، أو تعثر في مديونياتها؟

إن المصارف التجارية، لاسيما الوطنية منها، في ظل الرعاية الطويلة التي حظيت بها، والدعم اللامحدود المقدم إليها، مطالبة حالياً بأن تصبح شريكاً حقيقياً وفاعلاً في تنمية الاقتصاد الوطني، من خلال تمويل مشروعات التنمية ذات الآجال الطويلة وفي قطاعات إنتاجية، لاسيما القطاع الصناعي، ودعم القطاع الخاص، خصوصاً للواردات والصادرات من السلع والخدمات، ودعم وتمويل مشروعات شركات القطاع الخاص، ما يمكّن هذا القطاع من القيام بدوره في المساهمة الاقتصادية الفاعلة في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني.

ومن الأهمية بمكان، قيام هذه المصارف بتنويع محافظها الاستثمارية والائتمانية، بما يعزز قدرتها الرأسمالية، ويمكنها من الاعتماد على ذاتها، كما أن من مسؤولياتها فتح أبوابها أمام الطاقات البشرية المواطنة، سواء في تعيينهم، وتوظيفهم، ثم تدريبهم وتأهيلهم، وتمكينهم من إدارة شؤون مصارفهم. ويأتي هذا في ظل سياسة ائتمانية ومصرفية تضعها السلطة النقدية في الدولة، المطالبة بانتهاج سياسة نقدية تهدف إلى تحقيق استقرار السيولة، واستقرار أسعار الفائدة، وإيجاد بيئة ائتمانية ومصرفية واستثمارية محفزة على استقرار المصارف ودعم دورها التنموي.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر