رؤية

الثورات العربية و« بيت العرب »

نجيب الشامسي

قبل التغيير الإيجابي الذي أحدثته الثورات العربية النابعة من إرادة الشعب العربي في بعض الدول العربية، فإن الحديث عن الشأن العربي والتكامل العربي، أصبح ضرباً من الماضي، وحديثاً مكرراً وضرباً في الميت!

الآن وبعد النشوة العربية الشبابية التي خالجت الإنسان العربي، وجعلته أكثر تفاؤلاً بمستقبل عربي يحمل في طياته الكثير من المعاني والإصلاح التي تشعره بالاعتزاز لانتمائه العربي، بعد اليباب الذي أصاب الأمة، وبالتالي أبناؤها، والذي دفعنا إلى الشعور بأن هذه الأمة ماتت وشيعت جنازتها!

وبعد هذا التغيير السياسي الذي من المؤكد أن يتبعه إصلاح دستوري وقانوني واقتصادي وهيكلي، فإن من الضروري أن يواكبه تغيير في واقع المنظمات العربية المعنية بالشأن العربي، السياسية منها، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

وتأتي جامعة الدول العربية أو « بيت العرب » على رأس تلك المنظمات التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية، سواء في الصلاحيات أو الإمكانات المادية والبشرية، فقد عشش الفساد فيها، وأصيبت بشيخوخة إدارية وبشرية، وتراجع دورها كثيراً في مواجهة تحديات الأمة العربية، الأمر الذي يتطلب دعماً لوجستياً ومالياً وإدارياً، ومراجعة لميثاقها ودورها ورسالتها، وانتشالها من حالة التراخي والضعف، وتمكينها من مناقشة الأوضاع العربية، وطرح المبادرات التنموية والإصلاحية ليس في النظام السياسي العربي فحسب، وإنما في مشروعات التنمية المشتركة التي من خلالها يتم استثمار الفرص، وتوظيف الاستثمارات العربية.

إن تلك الثورات العربية السياسية، أو الزلزال الذي أصاب عدداً من الدول العربية، وهز أركان دول أخرى، ورج أنظمة السياسة العربية، ووجه رسائل صريحة وواضحة إلى النظام السياسي العربي، حري بجامعة الدول العربية أن تستفيد منها للقيام بدورها الذي نص عليه ميثاقها، وتعمل على تحقيق إصلاحات جذرية في ذاتها، ثم طرح مبادراتها في إصلاح النظام السياسي والاقتصادي العربي، بهدف استثمار التغيير الذي أحدثته الثورات، والمحافظة على مكتسبات هذا التغيير، والحيلولة دون مصادرة مكاسب هذه الثورات أو تجييرها لمصلحة أطراف معينة، ومنع أي تدخل أجنبي يفضي إلى تفريغ الثورات من محتواها وأهدافها، التي قدم لها الشعب العربي في بعض الدول تضحيات، وسالت دماء غزيرة من أجل هذه اللحظة التاريخية التي انتظرها الإنسان العربي طويلاً، ودفع ثمنها الكثير الكثير عبر عقود طويلة من الزمن.

إن الشعوب العربية الثائرة أصبحت حاضرة اليوم، وبشكل قوي وهي الجهاز الرقابي والتشريعي على مكتسبات هذه الثـورة، وعلى جامعة الدول العـربية أن تنتفض على تقاعسها واستكانتها، وأن تعمل على التغيير، ليواكب دورها ما ينشده الشعب العربي والإرادة العربية في عصر جديد ومستقبل منتظر.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر