5 دقائق

مدن للمستقبل

حمدان الشاعر

عندما يتحدث محافظ العاصمة الفرنسية باريس لصحافتنا المحلية عن رؤية حكومته لمدينة المستقبل، فإن الحوار يشدك إلى آفاق ذات أبعاد عديدة ترى فيها عمق الرؤية وواقعية التخطيط والتنفيذ، مشروع باريس الكبرى يتجسد في ثلاثة محاور هي السكن والمواصلات والتنمية الاقتصادية، مع توفير وجذب الاستثمارات والموازنات الكفيلة بتحقيق مدينة مستقبلية تتوافر فيها عناصر الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية بحلول عام ،2030 وذلك بكلفة تصل إلى 400 مليار يورو، شاملة برنامجاً يستهدف بناء 70 ألف مسكن بصورة سنوية على مدار 10 سنوات مقبلة.

التخطيط الناجح يرتكز أساساً إلى تقديرات ومعطيات حقيقية تُراعَى فيها الاحتياجات التنموية الحالية ونسب النمو المتوقعة بعيداً عن أية تقديرات عشوائية أو توقعات رقمية غير ذات أساس أو تخمينات تفرضها طفرة مؤقتة أو انكماش محدود، فالتخطيط المدروس يعتمد على قراءة الواقع والتصدي لتحديات المستقبل عبر توفير عناصر الحياة من مسكن وتعليم وصحة ونقل وترفيه، وكل وسائل الحياة المدنية التي تمنح سكانها كل فرص الرفاهية والنجاح.

حاجتنا إلى بناء المستقبل تعتمد على النظر بواقعية لاحتياجات وتطلعات السكان، وقدرتنا على تلبية تلك الاحتياجات بصورة مستدامة، فلم يعد مجدياً توفير مقومات الحياة المدنية بناءً على مجموعة من الشكاوى أو الاحتياجات الآنية فقط وإغفال النظرة الأعم والأبعد التي تنظر للغد وتستشرف الاحتياجات التنموية المطلوبة للمستقبل. فردود الأفعال في التخطيط التنموي لم تعد مجدية وإلا سينتهي بنا المطاف إلى مدن متكدسة تترهل فيها الخدمات ويزداد فيها الزحام وتتراجع فيها فرص العمل.

فالإنسان والمدينة يتكاملان ولا يمكن أن يعيش إنسان يقدر ذاته في مدينة تتراجع فيها جودة الحياة، والأخطر ألا نفكر في مدننا بشغف وحب واهتمام، وأن نأمل العيش في مدن تستعد على الدوام لتواكب المستقبل بل وتسبقه، في أدنى تطلعاته، إلى أجمل وأعلى من أحلامنا.. إلى مدينة هي المستقبل بذاته.

hkshaer@dm.gov.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر