رؤية

المصارف الإسلامية وصور الاستغلال

نجيب الشامسي

حينما شهدت الإمارات ميلاد أول بنك إسلامي في العالم في 12 مارس ،1975 لم يخطر ببال أحد أن يشهد العالم طفرة في عدد المصارف الإسلامية التي دفعت بالمسلمين إلى التعامل معها، طالما أنها ملتزمة بالتعليمات المصرفية، وخشية وقوعهم في عمليات مالية مشبوهة، ومن منطلق النأي بعملياتهم المصرفية عن الوقوع في «الحرام»!

وشهدت الإمارات زيادة في عدد المصارف الإسلامية، وتوسعاً في عملياتها، ونوعية منتجاتها، خصوصاً عمليات التمويل الإسلامي، ما دفع بالمصارف التجارية الأخرى، ومنها مصارف أجنبية لها فروع في الإمارات، إلى فتح أقسام للعمليات الإسلامية، لاقتناص حصة من الودائع «الإسلامية»، وتقديم قروض «إسلامية» لتمويل مشروعات «إسلامية» بعائد «إسلامي» يفوق العائد الذي تحصل عليه المصارف التجارية «الربوية»!

ولكن مصارفنا الإسلامية التي يفترض أنها تأسست لتعزيز المفاهيم، وتأكيد القيم الإسلامية في العمل المصرفي، دون أن يكون هناك استغلال، أو حتى استخفاف بالإنسان الذي يندفع إلى تلك المصارف خشية الوقوع في الحرام، نجد أن بعضها يمارس دوراً يتناقض مع المبادئ التي تأسست عليها، فقد أظهرت بعض المصارف صوراً لا تليق بالمصارف الإسلامية، حينما استغلت إقبال المتعاملين على منتجاتها لتغالي في الأسعار، مثل تمويل السيارات، وشراء المنازل، وتمويل أقساط المدارس وغيرها، ثم الخدمات المصرفية التي نجد مغالاة في رسومها، وعددها، ونوعيتها.

فسعر السيارة أو السلعة المشتراة من قبل المصرف الإسلامي، لا يقل أو يختلف عن سعرها في الوكالة، كما لا يختلف هذا السعر عما تقدمه مصارف تجارية أخرى، وفي أحيان يجاوزه، إذ تتضح صورة استغلال اندفاع الناس إلى تلك المصارف الإسلامية وتفضيلهم لها.

ومن صور الاستغلال أيضاً في هذه المصارف، ما يظهر عند رغبة المدين في سداد ما عليه من دين للمصرف «الإسلامي»، عندما تتوافر لديه سيولة وقدرة على سداد ما بقي عليه من دين، إذ يرفض المصرف الإسلامي قبول ما تبقى على المقترض، إلا وفقاً للشروط التي حددها سلفاً، أي بسداد كامل قيمة القرض، أو التمويل، بالفوائد أو المرابحة، من دون أن يبدي استعداده لإسقاط جزء من «الفوائد» المحتسبة على القرض أو التمويل، على عكس بعض المصارف التجارية، التي يقبل بعضها تسوية مع المدين أو المقترض حينما يرغب في السداد المبكر.

كما أن المصارف الإسلامية ترفع سعر سلعتها أو بضاعتها التي مولتها بحجة فترة التمويل، من دون مراعاة لفترة السداد، بإسقاط جزء من الدين.

فما الفرق بين المصارف التجارية والإسلامية؟ وما حقيقة الدور التنموي والتمويلي للمصارف الإسلامية؟ ولماذا بدأت الشكاوى تزداد من هذه المصارف.

هل هي فخ، أم مؤسسات تمويلية وفقاً للشريعة الإسلامية؟

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر