فنجان قهوة

احتراف على ورق

حسن طالب المري

الاحتراف في كرة القدم، يعني تفرغ اللاعب لكرة القدم فقط، وأن تكون «المستديرة» هي الوظيفة بالنسبة اليه ومصدر رزقه. وهنا أتكلم عن اللاعب فقط في منظومة الاحتراف التي تتعدد عناصرها، ولكن حين نقارن بين هذا التعريف «لاعب محترف» والواقع، سنرى «العجب العجاب»!

تفريغ من العمل، عقود ورواتب خيالية، تمارين على المزاج، نوم طول النهار وسهر طول الليل، قصات شعر مثل الديك ومثل الريش المربوط، أنا لاعب محترف أنا «أساوي» ملايين، ويحبونني الآلاف من الجماهير، أنا مطلوب في كل الأندية، لا «تكلموني»، كلموا مدير أعمالي، عندي لقاء مع التلفزيون الفلاني، والبارحة «لبست» الصحافي «العلاني»، أصلاً أنا أكبر من فريقي، هذا المدرب «تعبان» غيروه، وفجأة «تعوّر» المسكين، الركبة «راحت»، «وين» الدكتور «وين» الإدارة، أنا الهداف، أنا أحسن لاعب، أنا لاعب المنتخب، بدوني الفريق «ما يمشي»، «وين» المعجبين، «وين» الناس، «وين وين وين»،

يا خسارة كل شيء انتهى، كل الأحلام الورديّة انتهت.

أتمنى ألا أكون قد «قسيت شوي على لعيبتنا المحترفين» في الجمل والعبارات السابقة، ولكن يعلم معظم من في الأنديّة وخارجها بأن هذه هي الحقائق والأوصاف والممارسات التي تنطبق على واقعنا الاحترافي من خلال الكثير من اللاعبين الذين هم إخوة لنا، ونتمنى أن «ينصلح حالهم»، وأن يتعلموا كيف عليهم الاستفادة من وضعهم الحالي، وأن يستثمروا مهاراتهم للارتقاء بوضعهم الاجتماعي والمادي، من خلال الاجتهاد والالتزام بالتعليمات، ونتمنى أن يستفيدوا من اللاعبين الأجانب بكل ما هو إيجابي لا كل ما هو سلبي وتقليدهم في الرقص وقصات الشعر!

وأذكر بأن على جميع اللاعبين أن يعلموا أن مدة بقائهم في الملاعب ستكون لمرحلة معينة تنتهي بتراجع المستوى لكبر السن، أو مشكلات اللاعب الإدارية التي يكون فيها اللاعب هو الخاسر الأكبر، أو الإصابة التي تنهي مسيرة اللاعب الكروية.

في المقابل، ولكي لا نظلم كل اللاعبين، هناك لاعبون منضبطون، وهؤلاء وبكل سهولة يستطيع أي شخص أن يميزهم عن بقية اللاعبين من خلال تعاملهم واحترامهم للآخرين برقي أخلاقهم وثبات مستواهم.

اتصلت بي أم لأحد اللاعبين المحترفين تشكو أحوالها الماديّة ومعاناتها المستمرة من قلة دخلها وصعوبة أحوالها المعيشيّة، إذ إن دخلها الوحيد هو مساعدة شهرية من الشؤون الاجتماعية فقط.

وعندها سألتها عن ابنها اللاعب ومدى مساعدته لها فردت عليّ بالدعاء له «الله يوفقه ويرزقه أكثر ويبعد عنه عيال الحرام»، وأقسمت بأنه لم «يناولها» حتى لو 500 درهم، ومع ذلك كانت تلتمس له الأعذار «يمكن يدفع ديون أو يمكن يدفع أقساط السيارة، الله يوفقه إن شاء الله».

قصدي من ذكر هذه القصة أن أذكر بعض الإخوان من اللاعبين وغيرهم بأنه يوجد أشخاص حولنا، وقريبون منا أسهموا في ما وصلنا إليه من نجاح، يستحقون منا التقدير، خصوصاً الأم والأب، فهؤلاء هم البركة، أليس كذلك

يا «لعيبتنا المحترفين»!

وبعد كل هذا وغيره، نقول إننا في زمن الاحتراف، حقاً إن احترافنا مازال على الورق!

آخر كلمة:

ماذا فعلتم يا صقور الإمارات، أحرجتم كثيرين، وأفرحتم الإمارات من أقصاها إلى أقصاها.

hassan_almarri@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر