رؤية

لماذا اللهاث وراء الأقوياء؟

نجيب الشامسي

لماذا نحن في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، نركض وراء الدول القوية، ونعمل على تقديم مختلف التسهيلات لشركاتها، وعمالتها، ورجال الأعمال منها، فيما نحن نؤمن كل الإيمان بأن كل تلك التسهيلات، والحوافز والاغراءات، لن تجدي نفعاً في تقديم أي مساعدة من قبلها، ولن يفيد كل ما نقدمه إليها لتغيير مواقفها تجاه قضايانا المصيرية، ومنها الاقتصادية والتنموية؟ ماذا نريد من دول لا تعترف ولا تنظر أبعد من مصالحها، حتى لو كان في ذلك تدمير لبيئتنا، وتحجيم لاقتصادنا، وتعطيل لمشروعات التنمية في بلادنا؟

على مدى عقود طويلة من الزمن، كانت شركاتها النفطية تمتص ثرواتنا الناضبة، وتسوقها لشركاتها المتمددة، وتمد بها اقتصاداتها المتزايدة، ثم مصارفها التي، وعبر عقود من الزمن، كانت تمتص السيولة من مصارفنا، لتعزز بها أسواقها المالية والتجارية، وتصب قدراً كبيراً منها في فروعها المنتشرة، حتى حينما تعرضت موازناتنا الحكومية لعجز مزمن، ومصارفنا التجارية لشح في السيولة، لم تبد تلك الدول اهتماماً باقتصادنا ومؤسساتنا ومصارفنا.

وحينما سعينا جاهدين لتوقيع اتفاقية تجارة حرة معها، ونحن على يقين بأنها ستجني من تلك الاتفاقية الكثير، وبأنها هي المستفيد الأكبر من تلك الاتفاقية، نجد أنها تؤصد كل الأبواب، وتعطل كل المسارات، بحجج واهية، وأسباب غير مقنعة، لأنها على يقين بأنها لا تريد تضييع وقتها بالدخول في مفاوضات غير مجدية، إذ تحصل على كل شيء من أموال ونفط وغاز من دون تكلفة ومن دون اتفاقات، ولأن أسواقنا التجارية مشرعة على مصراعيها لمنتجاتها وبضائعها.

إن من مصلحتنا، اليوم قبل الغد، أن نعزز شراكة استراتيجية حقيقية مع دولنا العربية، ثم مع دول تربطنا وإياها علاقات تاريخية، وتمتلك ثروات طبيعية، خصوصاً الزراعية منها، إذ أصبحنا أمام خيارات صعبة، إذ لا ماء لدينا أو غذاء، فكل شيء نستورده من الخارج، ولم يعد النفط يصنع لنا ماءً أو غذاءً، كما أنه ليس من الممكن أن نشرب النفط، أو نستنشق الغاز.

إن اللهاث خلف الأقوياء جرنا إلى أزمات، حصدت ثرواتنا، وعصفت بمشروعاتنا واستثماراتنا، وهنا لا مناص من أن نعمل على ترميم جسورنا القديمة، ونعزز علاقاتنا العربية، ثم بالشرق، حيث الدفء والماء والغذاء، وحيث لا خشية من غدر أو ابتزاز.

إنني على ثقة بأن هناك فرصاً واعدة تنتظر رؤوس أموالنا، وهناك أمن وثقة باستثماراتنا، وهناك غذاء نحن في حاجة ماسة إليه.

وربما ندرك الحقيقة قبل فوات الأوان!

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر