رؤية

كيف نؤسس لمشروعات الشباب؟

نجيب الشامسي

إن جهود بعض إمارات الدولة نحو دفع شريحة الشباب للعمل الحر من خلال مشروعات صغيرة، لن تجد النجاح الدائم، ولن يكتب لها الاستمرارية، في ظل تنافسية شرسة من قبل شركات خاصة، منها عائلية، ومساهمة وطنية، أو أجنبية، لاسيما أن الدعم الحكومي في بعض الإمارات التي سارت على هذا النهج، اقتصر على إعفاء من رسوم الرخصة التجارية، أو دفع رسم بسيط يتزايد بعد العامين الأولين.

وربما نتساءل: ما الخدمات وما نوعيتها؟ وما السلع والبضائع التي يمكن أن تقدمها أو تنتجها تلك المشروعات الصغيرة؟ أو ما حجم الطلب عليها في ظل الاختلال الواضح في موازين الأسواق؟

إن زج الشباب في مشروعات مثل هذه، في ظل الفوضى التي تشهدها أسواقنا، وفي ظل المفهوم الخاطئ لحرية السوق أو الاقتصاد، وفي ظل هيمنة أجنبية مطلقة، وفي ظل احتكارات و«تربيطات» محكمة، لن يحقق الهدف من هذا الدعم، ولن تعود تلك المشروعات بالنفع المنتظر على شبابنا الذي يدخل هذه السوق، وهو لا يعرف تركيبتها، أو حقيقتها، وطبيعتها، ولا يملك فهماً دقيقاً لمتطلبات السوق الحرة، أو مالاً كافياً لمواجهة طوفان المشروعات الأجنبية.

كما أن رأس المال المحدود الذي يحصل عليه على شكل قرض أو مساعدة، لا يؤسس لمشروع حقيقي، في ظل مسؤولياته الأسرية، ونفقاته الشخصية، وخبرته المحدودة، ومعرفته بالسوق.

من هنا، فإن دعم مشروعات الشباب يمكن أن تنجح إذا ما أسهمت مجموعة منهم في مشروع مدروس من حيث الجدوى الاقتصادية، وبرأسمال مشترك يمكنهم من خلاله الصمود والمواجهة، مع إلزامية واجبة من قبل المؤسسات الحكومية للشركات المساهمة الوطنية منها والأجنبية، بدعم مشروع الشباب المشترك، من خلال شراء منتجاته وخدماته، كما يتطلب متابعة جادة وفاعلة من قبل الجهات الحكومية المعنية، بإلزامية مشروعات الشباب على مستوى الدولة وليس الإمارة الواحدة، بالتنسيق والتعاون في ما بينها لشراء منتجات أو خدمات بعضها، للحد من أي ازدواجية، وتعزيز التكاملية، ومنع أي اختراقات لمشروعات أجنبية تعمل على إخفاق الشباب في مشروعاتهم، وتكبيدهم خسائر غير محتملة أو متوقعة.

كما يجب أن تتولد القناعة التامة لدى الجهات الحكومية، بمدى الفوائد أو الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لمشروعات الشباب هذه. كما يجب على الجهات الحكومية ألا يقتصر دعمها مشروعات الشباب على إعفاء من رسوم، وإنما يجب عليها أن تسهم في تقديم دراسات جدوى اقتصادية ذات منفعة للشباب والاقتصاد والمجتمع، كما أن تلك الجهات مطالبة بتوليد أفكار مبتكرة ومبدعة وخلاقة تقدمها للشباب، ما يسهم في نجاح مشروعهم المشترك، كما أنها مطالبة بتنظيم دورات وورش لتوعية شريحة الشباب بأهمية العمل الحر، وفق تكاملية المشروعات، والمساهمة الجماعية، مع التأكيد على أهمية تشكيل ثقافة العمل الحر على مختلف مستوياته وأنواعه، وتوعية المجتمع بأفراده ومؤسساته بأهمية دعم مشروعات الشباب، من خلال دور مهم لوسائل الإعلام المختلفة.

alshamsi.n@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر