رؤية

التضخم يعود سريعاً!!

نجيب الشامسي

إذا كان من إيجابيات الأزمة المالية العالمية، التي اندلعت في أرجاء المعمورة عام ،2008 تراجع معدلات التضخم على مستوى دول العالم، بعد أن سجلت أرقاماً قياسية، وهددت أركان الحكم في عدد منها، فإن التضخم يعود سريعاً إلى دول العالم، ومنها دول الخليج المستوردة لمعظم ما تستهلك، ومن دول تعاني ارتفاع معدلات التضخم فيها.

وإذا كانت الدول المتقدمة قادرة على محاصرة التضخم في حدود معينة بفعل قدرتها على إدارة السياسة المالية، لاسيما الضرائب، ثم السياسة النقدية الفاعلة فيها، فضلاً عن إنتاجها السلع الغذائية والاستهلاكية وامتلاكها سلعاً وموارد وثروات طبيعية، فإن التهديد الأكبر للتضخم سيكون في الاقتصادات الناشئة، ومنها اقتصادات دولنا الخليجية ثم العربية، وإذا كانت الدول المتقدمة قادرة على صياغة وصيانة اقتصاداتها لتكون أكثر قدرة على امتصاص آثار التضخم وجعله في معدلات متدنية، فإن التضخم في دولنا يصعب السيطرة عليه بفعل عوامل خارجية تتمثل في استيرادنا كل السلع والبضائع، وعوامل داخلية تتمثل في الطلب المتزايد الناجم عن تدفق الهجرات الأجنبية إلى ديارنا وضعف قاعدة اقتصاداتنا، ثم عدم فاعلية أدوات السياسة المالية، ثم غياب أدوات السياسة النقدية، ما «يبشر» بعودة سريعة للتضخم وبمعدلات مرتفعة، خصوصاً مع زيادة أسعار مشتقات النفط في بعض دولنا.

وإذا كانت دولنا العربية ستجد نفسها مجبرة بسبب معدلات التضخم المرتفعة على رفع تكاليف الاقتراض فيها، فإن اقتصادات دول الخليج مرشحة لزيادة معدلات التضخم فيها من دون قدرة على المعالجة أو المواجهة، حتى لو أعلنت عن معدلات نمو مرتفعة بنسبة تزيد على معدل نمو الاقتصاد العالمي الذي تتجاوز نسبته 4.4٪ في عام ،2011 وإذا كانت بعض الدول العربية وضحت فيها آثار التضخم بعد الزلزال الذي ضرب تونس ومصر، فإن دولاً عربية أخرى، ومنها دول خليجية لن تكون بمنأى عن آثار التضخم المرتفع هذا العام والعام المقبل، خصوصاً بعد أن سجلت أسعار المواد الغذائية العالمية أعلى معدلاتها الاسمية في التاريخ، إذ تجاوزت الذروة التي شهدها العالم في عامي 2007/2008 حين هزت تظاهرات الخبز البلدان الفقيرة، إذ بلغت أسعار السلع الغذائية ذروتها بعد إخفاق المحاصيل الزراعية بسبب رداءة الطقس، ثم مع فرض بعض الدول المنتجة والمصدرة للسلع الغذائية الرئيسة قيوداً على الصادرات، ما اضطر بعض الدول المستهلكة، ومنها دول خليجية إلى تخزين المواد الغذائية، ثم هناك سبب آخر يتعلق بضعف الدولار وتذبذب أسعاره، إذ أثر ذلك في معظم السلع الغذائية، كما أن أسعار السلع الغذائية مرشحة للصعود ومعها أسعار النفط، ما يعني أن التضخم يعود إلى ديارنا، لكن بقوة وبمعدلات أكبر، فماذا نحن فاعلون؟!

alshamsi.n@hotmaiul.com 

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر