خشبة المسرح.. صوت الحياة
في كل مهرجان مسرحي إماراتي يظهر موهوبون في مختلف جوانب الإبداع المسرحي، بوصف الخشبة فعل حياة وتعبيراً وحباً، وكم فعلت الخشبة بسحرها، وكم غيرت ونبهت إلى ظواهر، وكم عبرت عن حياة الناس بأحلامهم وهواجسهم، كما لو أن المسرح خشبة الحياة والموت معاً.
في الدورة الـ21 لأيام الشارقة المسرحية، كانت الخشبة عامرة بعروض الحياة، وكانت الفرق المشاركة تجتهد لتقدم أفضل ما لديها في الاحتفالية المسرحية التي تعد الأكبر في الإمارات، والتي لم يصبها النكوص، خصوصاً أن مبدعين جدداً دخلوا المغامرة الجمالية في الكتابة للمسرح، على الرغم من ندرة النصوص، وكذلك في الإخراج والتمثيل والإضاءة والموسيقى والديكور، علاوة على أجيال متمرسة في المسرح.
الخشبة حياة، وهي سحر جمالي أيضاً، وفي الأيام المسرحية كان للممثلات صوتهن الجريء، وهو مؤشر إيجابي، خصوصاً أن المسرح الخليجي عموماً، ومنه الإماراتي، كان يعاني قلة عدد الممثلات فيه، وهنّ جديرات بالتشجيع والمؤازرة والتحية.
في الأيام المسرحية، كانت المنافسة على أشدها بين الفرق المسرحية المشاركة، وكعادة كل المسابقات، لابد من فائزين بجوائز، وآخرين حاولوا ولم يصعدوا إلى منصة توزيع الجوائز، وفي ذلك إشارة أيضاً إلى الحياة نفسها، إذ إن الخسارات والمكاسب مجدولة معاً، لكن كثيرة هي الخسارات التي تحفز أصحابها إلى التجويد في إبداعاتهم وأعمالهم، وتشحذ هممهم في مرات لاحقة.
في النتائج، حصدت مسرحية «حرب النعل» ست جوائز، من بينها الجائزة الكبرى «أفضل عرض متكامل»، لمخرجها محمد العامري، الذي كلما رأيته أحس بأنه شعلة متقدة من العمل والإبداع.
وكانت الأيام المسرحية أكدت حضور المسرحي إسماعيل عبدالله، الذي أبدع عدداً من النصوص، تمثل «زوادة» مهمة للمسرح الإماراتي، خصوصاً في ظل ندرة «النص المحلي».
كما نجحت «الأيام» في «استعادة» واحد من مبدعي الخشبة في الإمارات، هو ناجي الحاي، الذي عاد إلى الخشبة بعد غياب طويل، وكان عبر عن فرحه بالعودة إلى «عشق الخشبة»، من خلال مسرحية «بايتة» التي حازت إعجاب كثير من النقاد والجمهور أيضاً، ووصفها بعض النقاد بأنها «علامة فارقة» في المسرح الإماراتي، إذ تميزت بجرأتها وتكثيفها وصدقها، وكان فريقها على الخشبة، من دون تكلف أو مبالغات، قدم عرضاً متألقاً جمالياً ودلالياً.
اختتمت أيام الشارقة المسرحية، لكن الخشبة لاتزال تضيء أحلام الفنانين للدورة المقبلة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .