رؤية

الإرهاب الاقتصادي في الدول العربية

نجيب الشامسي

إذا كانت حقبة الاستعمار الأجنبي لدولنا العربية، شهدت نهب المستعمر لثرواتنا، وعزل شعوبنا عن التطور والتنمية، وعزل دولنا العربية عن مواكبة النهضة في العالم، وضرب مقدراتها، وفرض قيود على صادراتها وتوظيف أموالها، وإذا كانت تلك الحقبة شهدت إرهاباً اقتصادياً استمر عقوداً طويلة، حتى حققت هذه الدول استقلالها بعد صراع مع المستعمر، فإن الإرهاب الاقتصادي في الحقبة التي تلت الاستعمار الأجنبي جاء من داخل دولنا العربية، إذ عانت ولاتزال تعاني بعض هذه الدول إرهاباً اقتصادياً لا تمارسه قوى أجنبية، وإنما أنظمة عربية حاكمة، جثمت فوق ثروات هذه الدول، وقلوب وعقول أبنائها عقوداً من الزمن، مارست إرهابها الاقتصادي الذي جاء تحت جنح الفساد الإداري، والمالي، والسياسي، وبطش أمني، وعطلت مشروعات التنمية، وضربت خيام التخلف العلمي لعزل مواطنيها عن تحقيق نهضة بلدانهم، وتنمية ذاتهم. وشهدت هذه الحقبة نهباً لثروات هذه الدول التي تدفقت إلى مصارف وشركات وأسواق عالمية، وهذا ما أكدته وفضحته الثورات العربية التي جاءت مع بداية العام الجاري، الذي يُشكل عاماً صعباً على تلك الأنظمة العربية، ليس بالإطاحة بها فحسب، وإنما بفضحها، واستعادة الثروات المنهوبة منها عبر سنوات طويلة. إن الإرهاب الاقتصادي الذي مارسته هذه الأنظمة في تجويع شعوبها، وتخلفها، ومنعها من تحقيق تنميتها، واستخدمت مختلف أساليب القمع الاقتصادي ضد شعوبها من بطالة وتخلف في التعليم والوعي، ثم في فقر في الخدمات الصحية والاجتماعية، وفي وجود تشريعات وقوانين اقتصادية صيغت لتحقق أهداف الأنظمة الحاكمة ومن يدور في فلكها، ثم إغراق تلك الشعوب في ديون ومشكلات معيشية، على الرغم من الثروات الطبيعية والمالية التي تحتضنها هذه الدول، استمر بعد تبادل الأدوار، من مستعمر أجنبي، إلى نظام سياسي لم يرحم الشعب، بقدر ما عمل على امتصاص خيراته وتعطيل كل مشروعات التنمية في هذه الدول وتلك. ولكن ما كان لهذا الإرهاب أن يستمر، ولم يكن لتلك الأنظمة أن تواصل غيّها وظلمها لشعوبها، فخرجت الشعوب بقيادة شبابية آمنت بدورها، واستشعرت برسالتها، ونفضت عنها ثوب الاستكانة، وامتلكت أسلحة الإرادة والإيمان، وعمدت إلى استخدام وتوظيف التقنية الحديثة لتحديد ورسم معالم وطن المستقبل، لتكسر كل القيود، وتفاجئ العالم كله، بأن إرادة الشعوب أقوى من الأنظمة الفاسدة، ومن يساندها، وليتأكد للأنظمة العربية أن الإرهاب الاقتصادي لم يكن ليستمر، وأن من يراهن على مساندة الدول الأجنبية لن يحقق أهدافه، وأن مصيره محتوم وأكيد.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر