5 دقائق
قيادة عالمية
تكريم صادف أهله، ومكانة يستحقها تلك التي حظي بها الرئيس الكوري لي ميونغ باك، فقد نال أخيراً جائزة زايد الدولية للبيئة، نظير إنجازاته قيادةً عالمية في التنمية الخضراء، وما تكريم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم له كأول زعيم عالمي يحصل على هذه الجائزة إلا إيمان من قيادتنا بضرورة تحقيق النمو المستدام، مع الحفاظ على البيئة، وتقدير من دولة الإمارات لكل الإنجازات العالمية المتميزة، يحدوها في ذلك نهج راسخ، رسمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عبر الحفاظ على تراثنا الطبيعي، وحماية مواردنا من التلوث والاستنزاف.
يقول كثيرون إن حياة الرئيس الكوري تشبه كثيراً قصة بلاده، فقد نشأ في فقر مدقع، فكانت أمه تبيع الطعام في الشارع، بينما كان هو يشتغل بالنهار ويدرس في الليل، حتى تخرج في الجامعة وعمل في شركة هايونداي، إذ برع في أداء مهامه، وتجلت مهاراته القيادية والفنية، ثم بعد عقد من الزمان أصبح أصغر رئيس تنفيذي في تاريخ الشركة، حتى لقب بـ«البلدوزر» لقدرته العالية على تنفيذ المشروعات الضخمة، وفي عام 2006 تم انتخابه عمدة لمدينة سيؤول، فعمل على إنجاز العديد من المشروعات الخدمية المتميزة، كشق القنوات، وبناء الحدائق، وتحسين أنظمة النقل، وتوفير فرص العمل، والاستثمار في مجالات النمو الأخضر والطاقات النظيفة، حتى نال لقب بطل البيئة بواسطة مجلة «تايم» الأميركية.
بعد انتخابه رئيساً تعهد لي ميونغ باك بأن يجعل كوريا سابع أكبر اقتصاد عالمي (حالياً هي في المركز 13 من حيث الناتج القومي الإجمالي)، وبتحقيق معدل نمو 7٪، وبأن يصنع آلاف فرص العمل، وبإنفاق 15 مليار دولار لتحسين أنظمة النقل وجذب الاستثمارات الأجنبية.
لا شك في أن نمو الشراكة الاقتصادية اليوم بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا، التي وصل التبادل التجاري فيها إلى أكثر من 15 مليار دولار، ناهيك عن مشروع تنفيذ أربع محطات نووية في الدولة، تصل قيمتها إلى 75 مليار درهم، لدليل على شراكة استراتيجية حقيقية، تهدف إلى منفعة البلدين في مختلف الميادين.
تعهد لي ميونغ باك بأن يكون الرئيس «الذي يعيد بناء كوريا ويساعد الناس على استعادة ابتسامتهم المفقودة»، فكم هو جميل أن يكون التزامك عظيماً ومقصدك نبيلاً، فهذه القيادات هي التي تدخل التاريخ، وتصبح علامة فارقة في ذاكرة الشعوب، فهؤلاء ذهبوا إلى أبعد من النجاح، وحققوا معادلة القيادة بمنطق الحكمة والعلم واستيعاب احتياجات الناس.
ليس مستحيلاً أبداً تحقيق هذه المعجزة، فهي مسألة إرادة واعية منصتة للآخر، بعيدة عن فكر متسلط وأنانية أودت بالشعوب إلى هاوية من الأزمات.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.