في الحدث
مهمة عاجلة
مهمة عاجلة يجب أن تنجزها التيارات السياسية المصرية بعد يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية غير المسبوق.
المهمة العاجلة ليست تسريع إجراء الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية إنما مواجهة أخطر ما يهدد البلاد، وهو التصرفات الطائفية واستخدام الدين والشرع في موضوع الاستفتاء.
فكم هو مؤسف أن يتردد أن الاحتشاد القبطي للتصويت بـ«لا»، هو رد على دعوة جماعة «الإخوان المسلمين» بالتصويت بـ«نعم»، وكم هو مخيف لكل حريص على قيم المواطنة أن تستخدم منابر مساجد أو تصريحات لكهنة في موضوع سياسي يخضع لاجتهاد البشر. لم يكن الظهور الأول لـ«النفس الطائفي» يوم الاستفتاء، وإنما قبله بأيام عندما أعلنت «الجمعية الشرعية»، في إعلان مدفوع بجريدة الأهرام أن «التصويت بنعم واجب شرعي»، ما يشكل انتهاكا صريحا لحق الذين يرفضون التعديلات.
الرأي نفسه أعلنه الشيخ أحمد المحلاوي خطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، إذ قال إن «الموافقة على التعديلات واجب شرعي على كل مسلم»، وهو ما أكد عليه الدكتور يوسف القرضاوي في اليوم السابق على الاستفتاء في خطبة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة.
لافتات عدة نسبت لجماعة «الإخوان المسلمين» أن التصويت بـ«نعم» واجب شرعي، لكن الجماعة نفت أن تكون هي وراء هذه اللافتات، غير أن الجماعة في الوقت نفسه لم تستنكر استخدام الشرع في اختلاف سياسي، ولم تحدد موقفها ممن استخدموا الدين لدفع الناس للتصويت بـ«نعم».
لم يقتصر الأمر على جانب واحد، إذ دعا القس عهدي عبدالمسيح إلى ضرورة الإدلاء بـ«لا» على التعديلات الدستورية، ونُسب إليه القول بأن البابا شنودة الثالث، أعلى سلطة كنسية في مصر، اجتمع مع طوائف الأقباط وطالبهم بالتصويت بـ«لا».
«النفس الطائفي المزدوج» لم يتقبله شباب عبر عن رأيه بوضوح على صفحات «فيس بوك»، موضحاً أنه لا خطأ شرعياً أياً كان شكل التصويت.
وبينما يصعب قياس تأثير «فيس بوك» المقاوم لـ«النفس الطائفي» في المرحلة الحالية، فإن استخدام رموز دينية لها احترامها للدين في موضوع سياسي يثير مخاوف يصعب غض الطرف عنها، خصوصاً أن الجميع يدرك مخاطر هذا الاتجاه الذي قد يسهل عمل الراغبين في «إشعال الفتنة الطائفية».
لا خلاف أن كل مصري فخور باحتشاد الملايين في شكل حضاري راق للتصويت على التعديلات الدستورية لكن «النفس الطائفي» ينال من عظمة هذا اليوم، ما يفرض على الجميع إجراء مراجعة سريعة لما حدث.
عشرات الملايين الذين ذهبوا إلى لجان الاقتراع واصطفوا ساعات في طوابير حتى وصلوا إلى الصناديق يحلمون بدولة ديمقراطية وبعدالة اجتماعية، لكن هذا لن يتحقق إلا بالابتعاد تماماً عن الطائفية.. وهذه هي المهمة العاجلة.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .