رؤية

لماذا ليبيا؟

نجيب الشامسي

مع مطلع العام الجاري، كانت هناك ثورة في تونس، ثم في مصر، وفي الوقت ذاته كانت هناك احتجاجات شعبية في عدد من الدول العربية، مثل اليمن، الأردن، البحرين، وكذلك ليبيا، لكن الاهتمام الرسمي والدولي من قبل دول العالم، لاسيما الصناعية، ثم المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، لم تجده تلك الثورات والاحتجاجات التي شهدتها وتشهدها دول عربية أخرى، كما هو الحال بالنسبة لليبيا، حتى إن بعض الدول العظمى تعلن عن استعدادها لتدخـل عسكري، فلماذا هذا الاهتمام الدولي؟

بالطبع ليس من منطلق البعد الإنساني، وليس من أجل عيون الليبيين، وإنما من أجل نفط وثروات ليبيا المالية ذات الكثافة السكانية المحدودة، والثروات النفطية والمالية الهائلة، مع الإشارة إلى نوعية النفط الليبي الخفيف الذي يتميز به.

دول العالم اليوم تشهد صراعاً خفياً وتحالفات سرية، لتعزيز حضورها وضمان تدفق النفط الليبي «النوعي» عليها، وبرزت الخلافات عندما أعلنت دولة ما عن رغبتها في التدخل العسكري، وبرزت التباينات حتى بين الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، وبين الولايات المتحدة والصين، وبين الولايات المتحدة ودول أوروبا من ناحية وروسيا.

إنه النفط الذي لا يمكن أن تفرط فيه هذه الدول، إنها المصالح الاستراتيجية في نفط وأموال ليبيا، ولا نستبعد أن يكون السبب في استفحال الأزمة، واستمرارها في ليبيا، هو تدخل أجنبي غير مباشر، ليكون هناك مبرر لتدخل عسكري يشكل عودة الاستعمار الأجنبي إلى ليبيا.

وهنا الصورة تتكرر، والتاريخ يعيد نفسه، كما هو الحال في العراق الذي دعمت بعض الدول الصناعية مكابرة صدام حسين، ليمنحها مبرراً للتدخل العسكري، وكان هذا التدخل يمثل صورة للوجود الأجنبي في العراق، لامتصاص نفطه، في إطار صراع قوى على نفط العراق، ولتحقق الولايات المتحدة غايتها الكاملة في وجودها العسكري في العراق، ليصل مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي من النفط العراقي إلى أقصى سعة له وهو 727 مليون برميل نفط.

وإذا ما عرف السبب بطل العجب، والصورة واضحة حيال ما يحدث في ليبيا من تدخل أجنبي واضح، واهتمام عالمي نأمل ألا يتحول إلى تدخل عسكري أجنبي في ظل موقف عربي غير مقنع، ليمثل هذا التدخل عودة جديدة للمستعمر، لسرقة ثروات ليبيا، بعد أن ظلت منهوبة لأكثر من 40 عاماً.

alshamsi.n@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر